مصدر أمني قال لـ"الجريدة" إن وزارة الداخلية اعتقلت 12 متهماً من "البدون" بتهمة التحريض والدعوة إلى اعتصامات وتجمعات مخالفة للقانون، ومقاومة رجال الأمن، عشرة من "المكاريد" المعتقلين أحيلوا إلى السجن "المركزي"… وأضاف المصدر الأمني أن "المحرضين "اعترفوا" أمام سلطات التحقيق بأنهم كانوا يعقدون اجتماعات دورية ويدعون ويخططون للاعتصامات والتظاهرات بمشاركة ناشطين"، وأن المحرضين "اعترفوا" كذلك بأنهم كانوا على اتصال بزملاء خارج البلاد.
هل لاحظ القارئ لغة الخطاب في تصريح المصدر الأمني لـ"الجريدة"، بأنها لغة لا تتهم فقط، إنما تدين وتصدر أحكاماً نهائية "بجرائم" المحرضين، وتتردد كلمة "اعترفوا" أكثر من مرة، في تصريح المصدر الأمني، موحية لمن يقرأ الخبر أن الجريمة تامة، وأنها خطرة، وتكاد تكون من جرائم أمن الدولة. لغة الخطاب لوزارة الداخلية لم تبق ولم تذر، فماذا بقي للمتهمين كي يقولوا دفاعاً عن أنفسهم بعد ذلك… بعد الاعتراف… بعد الاتصال بجهات خارجية، وبعد أن سالت دماء بعض المتجمعين بتيماء، في مقابل تهشيم زجاج سيارة لوزارة الداخلية…! لغة الخطاب لوزارة "الأخ الأكبر" -تعبير جورج أورويل برواية ١٩٨٤- كعادتها هي مستبدة، وقمعية، ومحرضة، ونصبت المشانق "للمتهمين" بعد أن قطعت تماماً في صحة نسبة الاتهامات الموجهة إليهم، فلماذا المحاكمة بعد ذلك؟!
هل للمتهمين أن يقولوا إن الاستبداد ليس في تنفيذ حكم القانون فقط، وإنما في نصوص القوانين التي تجرم الاجتماعات والاعتصامات أياً كان الغرض منها؟، وإنه لا يهم ولا يختلف الأمر إذا كانت تلك التجمعات "سلمية" تعبر عن تجاوزات لحقوق وكرامات مهضومة لـ"البدون"، أم بغرض قلب نظام الحكم أو التشكيك فيه، وهل للمتهمين أن يسألوا أين كان نواب الأمة طوال سنين ممتدة من تلك القوانين الظالمة؟، وهل سيتحرك هؤلاء النواب إذا وصل المخلصون منهم إلى كراسي النيابة، بعد أن تتضح نوايا السلطة بتحديد عدد أصوات الناخبين بصوت أو صوتين بمرسوم "ضرورة" من عدمه…؟!
في القسم الثاني من خبر "الجريدة" أن الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية (أيضاً كلمة المركزي تعود مرة ثانية، مرة بالسجن للبدون، ومرة أخرى كنعت لجهاز دولة أتوقراطي، له وحده دون معقب تحديد وضع "البدون" ورصهم في خانة حمراء أو زرقاء أو صفراء… وكلها ألوان ليس بها لون الجنسية الكويتية، أو لون يضمن كرامتهم) يقول إن ملفات ٧٥٠ عسكرياً من الداخلية والدفاع من غير محددي الجنسية من حملة إحصاء ٦٥، والمشاركين في الحروب العربية، وحرب تحرير الكويت ستحال إلى مجلس الوزراء تمهيداً لتجنيسهم…!! ما هذا؟ عسكريون من حملة إحصاء ٦٥ (بعد ثلاث سنوات تقريباً سيمضي عليهم نصف قرن) خدموا الدولة بأشرف خدمة، والتي يبدو أنها لا تعتبر من الخدمات الجليلة في عرف السلطة، ومع ذلك، حتى الآن، هم في مرحلة "الروضة" التمهيدية لدخول جنة الجنسية الكويتية… إذا كان "هؤلاء" لم يبلغوا الحلم لاستحقاق الجنسية والمسألة معلقة على قرار من مجلس الوزراء فمن يستحقها بعد ذلك؟، ومن كسبها قبل ذلك؟، وبأي وجه حق وبأي أبشع صور الظلم؟