حسن العيسى

لمن ستنتصرون؟

قفز عدد من المشايخ والنواب إلى خشبة مسرح الفتاوى، وأدخل كل واحد منهم يده بجيبه، وأخرج من محفظته فتوى جاهزة أو رأياً شرعياً يحرم دخول المرأة إلى سلك القضاء بمناسبة انتصار مجلس القضاء للدستور، وفتحه الباب لتولي المرأة العمل القضائي. هذا رأيهم وهذا اجتهادهم سواء كان مبنياً على رأي فقيه أو فقهاء (يسمونهم علماء حالهم من حال علماء الفيزياء والطب إلخ) أو كان سبب رفضهم “حكارة” (تحفظاً) اجتماعياً حصر خيالهم بأن المرأة التي تحيض وممكن أن تصير محلاً للوطء لا يمكن قبولها جالسة على كرسي القضاء، وتفصل في خصومات، وتحكم بحبس أو براءة رجال بشارب ولحى. هذا رأيهم وهذا اجتهادهم الذي يدفع المجتمع والدولة إلى أحط عصور الظلام، لكن لا يمكن مصادرته مادام في دائرة الرأي والاجتهاد ويدخل في باب حرية الرأي. الخطورة ليست في ما أبداه هؤلاء، وإنما ما توعد به النائب هايف بإصدار تشريع يلغي قرار مجلس القضاء، ويحظر عمل المرأة بالقضاء.
لنتخيل أن مثل هذا التشريع ممكن أن يصبح واقعاً في غد ليس ببعيد، ماذا سيقول الناشطون المدافعون عن الدستور عندئذٍ، إذا ما عرفنا أن الجماعات المحافظة تشكل مساحة كبيرة في جسد الأغلبية المعارضة للسلطة، وكيف سيواجه هؤلاء قواعدهم الانتخابية وضغوطها لقبر قرار مجلس القضاء. هل سينتصرون للدستور وأحكامه بالمساواة في المواطنة لا فرق فيها بسبب الجنس أو الدين،،،! هل سيقفون مع الدستور اليوم أو مع “اجتهاد فقهي” أو رغبة محافظة يقبران الدستور، بينما قوام حراكهم السياسي هو الانتصار للدستور، وتأكيد مبدأ الفصل بين السلطات الدستوري بما يعني عدم الزج بالقضاء في عالم السياسة في قضية تعديل الدوائر الانتخابية، بينما نجد أن من بينهم من يريد اليوم الإطاحة بهذا الفصل بين السلطات من أجل تغليب رأي شرعي لا يعرف أساسه ومعقوليته، وإنما فصلوه حسب هواهم… لمن ينتصرون… ننتظر الجواب.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *