الشيخ نبيل العوضي “سلبرتي” (يعني من أهل البهرجة الإعلامية) مثله مثل الكثيرين من مشايخ بني نفط الذين تناسلوا وتكاثروا في وسائل الإعلام وأصبحوا كفاتن حمامة وهي سيدة الشاشة العربية، والشيخ نبيل وكثيرون مثله، من دكاترة الجامعة الذين همهم الأول والأخير الإعلام والبروز الإعلامي، وبالتحديد الشاشة الصغيرة كي يتألقوا فيها، هم أيضا “سادة” الشاشة الصغيرة، ولكن باختلاف الشكل والمضمون عن سيدة الشاشة، وأصبحنا نخشى، كما كَتب مرة فؤاد الهاشم، أن نفتح صنبور الماء فيخرج علينا هذا أو ذاك الداعية بدلاً من الماء.
لسيد الشاشة الصغيرة اليوم أن يمارس حريته في القول والكتابة كما يشاء، فهذا من أبسط حقوقه، رغم تصلُّب وانغلاق خطابه السياسي المغلف بالنعرات الدينية المتزمتة، إلا أنه في إحدى خطب الجمعة، وبعد أن باركت وزارة الأوقاف أخيراً لخطباء مساجدها أن يحرضوا ويلعنوا مَن يريدون، مِن منابر المساجد التي تملكها الدولة وتديرها حكومة “الشجعان”، صبَّ الشيخ الداعية جام غضبه وألهب مشاعر المصلين بأحداث سورية، وهذا أيضاً من حق سيد الشاشة، ولو أن المصلين جاءوا تلبية لواجب ديني لا ليكونوا ضحايا تحريض وكراهية للآخرين، أو أن يَضحوا مشاريع تفجيرات وأدوات انتقام من النظام السوري.
في تلك الخطبة تحدث سيد الشاشة عن المؤامرة الكبرى التي تحاك ضد “الموحدين” من قِبَل الصفويين والنظام الإيراني في قم، ومن جديد نؤكد حق “رشدي أباظة” في أن يوجه اللكمات القوية إلى النظامين في إيران أو سورية، ويصفهما كما يريد بصرف النظر عن الأغلال الرهيبة التي يضج بها قانون المطبوعات الكويتي، لكن أن يبطن نقده وتحريضه، ليس ضد النظامين الحاكمين بل ضد الصفوية، فهنا كان على نبيل أن يرتفع ويترفع عن مثل ذلك السفه الطائفي المتحيز، فهو يعلم أن الصفوية كنظامٍ سياسيٍّ فرض المذهب الجعفري على بلاد خراسان قبل أكثر من خمسة قرون، ليست موجودة الآن، فقد كانت مرحلة تاريخية وانتهت، أما الصفويون الذين وصفهم الشيخ نبيل بـ”عباد القبور” والذين في قلوبهم “حقد وكراهية” للإسلام (عبارات الداعية سيد الشاشة الصغيرة) والذين يعدون المؤامرة لذبح مئة ألف موحّد في الحرم المكي -من خطبة شيخ التسامح نبيل ولابد أن للشيخ مركز استخبارات متقدماً يفوق السي آي إيه – وكتبهم “تنضح بالشرك”، و”يعقدون المزارات والنذور ويسبون الصحابة” (من عبارات الخطبة) فنحن ندري أن المقصود بهم هم أهلنا وإخواننا في “الإنسانية” قبل المواطنة وقبل الدين وقبل الطائفة وإلى ما لا نهاية لسرطان الاستقطابات في الجسد العربي، هم الشيعة في الكويت وفي أي مكان.
ماذا تريد يا شيخ نبيل؟! هل تريد معركة صفين جديدة أو إعادة الروح للحروب العثمانية الصفوية؟ أو ربما تريد، كواحدٍ من الأغلبية السنية، أن تمسح من الوجود المذهب الجعفري، عن بكرة أبيه، ونفني الأقليات الشيعية هنا وفي كل مكان، كي تبقوا أنتم وحدكم كفرقة ناجية في الكون الكبير؟! هل لديك يا شيخ نبيل العدد الكافي من الأفران الكبيرة التي بنيت في “أوسوتش” في الخليج، لا في ألمانيا النازية، كي نزج بها أهلنا الشيعة حتى يشفى غليلكم ضدهم وضدنا وضد كل إنسان في الأرض لا يبصم معكم، ويرضى “بجهلكم المركب” (عبارة للراحل محمد أركون ذكرها في محاضرته بالكويت)؟! ماذا تريد يا شيخ وأنت تشاهد بجهازك المحبب (إن كنت تتابع البرامج الإخبارية التحليلية) أن أحداث سورية لم تعد ثورة فقط بعد تفجيرات “القاعدة” الأخيرة بل بدايات حرب أهلية ونيرانها امتدت إلى طرابلس لبنان بالأمس؟… فهل تريد أن تبارك تلك “النار المقدسة” الأرض الكويتية بعد أن عشنا فيها عقوداً ومئات من السنين إخوة متحابين قبل أن تولد أنت، وقبل أن يصيبنا داؤكم المتزمّت والمكفر لخلق الله؟ اهدأ يا شيخ وتعقّل.. فلن يترك أهل الكويت بلدهم في النهاية لتصبح قندهاركم الجديدة، ولن يرضى الكويتيون، مهما ابتُلوا بكم وساد في بلدهم جهالكم، وتمدد على أرضها فاشيُّو بني نفط الجدد، أن يشعلوا “هلوكوست” لأهلهم الشيعة من أجل لحاكم الكريهة… دع عنك ذلك الإسفاف وتفرغ للرد على أهل الرقى والبصق في “توانكي الماي” وأهل السحر وتفسير الأحلام وخلق الأوهام، وكل جماعات الخرافات التي ستوصلنا ببركتكم إلى مركز “ناسا” لعلوم الفضاء…. اهدأ يا شيخ وأوصل كلامي، لو سمحت إلى جماعاتكم وربعكم، فقد أصبحت الحياة معكم لا تطاق.