هناك نصف مليون “جويهلي” في الدولة، معظمهم يردد بإيمان مطلق أن “الكويت للكويتيين”، وكأن الكويت أضحت غير مملوكة للكويتيين، ماذا تعني الكويت للكويتيين في الثقافة الجويهلية غير رفض الكويتيين “الجدد” في مضمون خطاب نائب الأمة، فـ”الإيرانيون والعراقيون واللفو والهيلق والطراثيث على الجنسية الكويتية” (من خطاب نائب الأمة الجويهل) كلهم عند الجمهور الجويهلي لا يستحقون شرف الجنسية، فهم “دخلاء” على الجنة الكويتية التي يجب أن تكون حصراً بنعمها وخيراتها “الزائلة” لـ “أبناء الديرة”! ماذا قال حضرة النائب بحق “اللفو والهيلق والطراثيث” غير الإفصاح عما في صدور الكثيرين من الكويتيين، فاستبعاد هؤلاء “اللفو والهيلق” رغم جنسياتهم الكويتية مسألة واجبة في دولة “الرايخ الثالث” الكويتية.
في الأدب الجويهلي تعتبر التابعية السعودية عند الكثيرين أو القليلين من أبناء القبائل سبباً للحرمان من الجنسية الكويتية، فقانون الجنسية يمنع ازدواج الجنسية الكويتية مع أخرى، حتى لو كان ذلك الفرد الذي هو من أصل سعودي ليس له الحق في رفض “التابعية”، حسب النظم السعودية على نحو ما فهمت، كما ليس من حق الكويتي المولود في الولايات المتحدة أو تكون والدته أميركية أن يرفض الجواز الأميركي، ولم يكن الزج بالكويتيين الأميركان عند الجويهل إلا حركة «حاوي» بثلاث ورقات وتضليل وذر للرماد في العين، والمقصود بطبيعة الحال هم “المزدوجون” من التابعية السعودية، الذين غيروا معالم البلد وغيروا هويتها التاريخية، وفق الأدبيات العنصرية المتعالية. ماذا يريد الجويهل وأنصاره، هل يريد سحب الجنسية عن هؤلاء ورميهم في صحراء الربع الخالي، أم حشرهم مع “البدون” في مأساتهم كي يصبح سكان الديرة “أهل سبارطة” في القرن الواحد والعشرين؟
الثقافة الجويهلية ولو ارتدت ثوب “المدنية الحضرية” أضحت وباء يسري في الجسد الكويتي لا يفرق بين ابن الحضر وابن القبيلة وابن الطائفة، اسمه وباء الفاشية. في بدايات القرن السابق ومع صعود نجم الحزب الفاشي الذي تبنى مفكروه “مبدأ الوحدة الوطنية” كسلم للنهوض بالحزب لاحظ المفكر الإيطالي الكبير غرامشي أن “الطليان قساة، يخلون من العاطفة والإحساس بالغير” وصدقت ملاحظة ذلك المفكر الماركسي حين اكتسح الحزب الفاشي الانتخابات!
الظاهرة الجويهلية لا يصح قصرها على صاحبها وأتباعه، فكل فكر يقوم على استبعاد الآخرين أياً كانوا نساء أو بدوناً أو ليسوا من أصحاب الحظوة هو بالنهاية مرض جويهلي بالصميم، وحين يقدم بعض النواب منهم خالد السلطان والعميري ومرداس مثلاً اقتراحاً بقانون بقصر وظيفة القضاء والنيابة على المسلم الذكر…! ويقصدون حرمان المرأة من تولي تلك المناصب فهم يظهرون الوجه الآخر للعملة الجويهلية… وهي عملة مثقوبة صدأة… وليسأل حكامنا أنفسهم: في أي مصنع سلطوي تم صكها وترويجها؟!