حسن العيسى

خلونا على حطتنا

كلام رجعي ومتخلف وضد إرادة الأغلبية التي تمثل الأمة ويسير بعكس رياح الربيع العربي، بهذا يمكن ويجوز أن يصف الكثيرون هذا الرأي الآن، المخالف للمطالبة برئيس وزراء شعبي ليس من أسرة الصباح المالكة، وهذا يعني ضمناً تعديل احتكار ما يسمى وزارات السيادة المفصلة على مقاس الأسرة الحاكمة، وأيضا أن يصبح أبناء الأسرة المالكة، وتحديداً من ذرية مبارك حالهم من حال بقية الشعب ليس في حكم القانون فقط، فهذا أمر مفروغ منه، وإنما بحكم الممارسة الواقعية، لا امتيازات في الوظائف العليا ولا استثناءات في حصاناتهم من المساءلة. وبصيغة مختلفة ولكن بالمعنى ذاته، يصبح المطلوب هو تعديل الدستور كي تكون الكويت “ملكية دستورية” بالمحتوى الحقيقي وليس الشكلي، أي أن الوزراء ورئيس مجلسهم يتم اختيارهم من الأغلبية البرلمانية، وبكلام أدق وأوضح “من حزب الأغلبية”، وتستبعد بالتالي أي امتيازات سياسية للأسرة الحاكمة المالكة، كي تصبح أسرة مالكة فقط وليست حاكمة، أي أن الملك أو الأمير “يسود ولا يحكم”، وعندما نصبح في نظام برلماني صحيح كامل الدسم فكل هذه أمور مستحقة وواجبة، ومن أبجديات الديمقراطيات الحقيقية عندما، واكرر وتحتها خط أسود عريض عندما، نصير على مستوى تلك الديمقراطيات، وعندما نفهم أن الديمقراطية ليست صناديق اقتراع فقط، ولا تعني فرض رأي الأغلبية على الأقلية، أياً كان وصف هذه الأقلية، وإنما يحترم وجودها وحقوقها في ممارسة شعائرها ولا يتم اضطهادها بحجة سيادة الأغلبية، وأن تقبل وتؤمن الأغلبية – وهي أغلبية لا يجمعها الآن غير معارضتها للحكم- بأن الحريات الفردية هي عماد الديمقراطية، فأي ديمقراطية منتخبة بدون وعي إنساني أصيل بالحرية وبدون ثقافة ليبرالية تؤمن بحق الرأي الآخر في التعبير عن نفسه وتفسح مجالاً لمبدأ التسامح لا تعد هذه ديمقراطية، وهي بالتالي “فاشية حديثة” جاءت برغبة الشعب الذي يقدم ولاءاته الخاصة عائلية، وقبلية، وطائفية، ومصالح ذاتية كانت أو غيرها قبل الولاء الأصيل للأمة ومستقبلها. مجلسنا الأخير وتقريباً كمعظم مجالسنا المتحجرة التي سبقته وبشكل أوضح مجالس ما بعد التحرير التي ارتفع نجمها مع صعود تيار الإسلام المسيس هو مجلس فاشٍ، مستبد، لا هم له ولا هدف غير ملاحقة البشر في أبسط حرياتهم، ماذا تلبسون، لماذا تتفسحون في تلك الأماكن… ماذا يحدث في الشقق الخاصة، شوفوا جزيرة كبر وما يحدث فيها، لماذا لا تتم مراقبة الحسينيات ومساجد الشيعة، اقطعوا رقبة اي مسيء لقيمنا الدينية بدون كلام… ماذا ننتظر من هذا المجلس الذي نسي مشايخه المطالبة بفرق “جستابو” ديني محافظ، أم انه فعل ذلك باقتراح النائب رياض العدساني للشرطة الدينية…! ما جديدكم وماذا تريدون؟ وحكومة “الصباح” بمجرد ان أشّرتم بأصابعكم لها هرولت لترضيتكم، فوزير الداخلية بدلاً من أن يعلن الأحكام العرفية على كارثة المرور –وهي فعلاً في حاجة إلى إجراءات استثنائية –أعلن الحرب على الشقق الخاصة ومن يرتادونها، وهل كانوا سكارى أم لا…! وليحشر رجل المباحث أنفه في أفواه الداخلين والخارجين يتشمم رائحة السكر أو عفن الملل في الدولة… إلخ، ولكم أن تقيسوا الأمر ذاته مع بقية الوزراء. إذن، لماذا رئيس وزراء شعبي… طالما “كل شيء حاصل لكم”! وماذا تتوقعون منا، نحن الأقلية المتحررة أو الليبرالية أو اليسارية… أو أي وصف يناسب قواميسكم المتخشبة… هل تريدون أن نصفق لطلبكم بشعبية منصب رئيس الوزراء، حتى تكتمل ديمقراطية “موسليني وهتلر”… لا يا سادة… دعونا على حالنا… فلا نريد أن نكون كالمستجير من الرمضاء بالنار. فحكومتنا الصباحية هي الرمضاء وأنتم النار، لكنها نار مظلمة لا تنير ولا ترينا ليل الغد.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *