نقل نواب الأمة حرب النظام السوري ضد شعبه إلى قاعة عبدالله السالم، ومثلما تتجه المعارك في سورية إلى الحرب الأهلية الطائفية، وفي الحروب الأهلية هناك دائماً وكلاء للخارج يصبون الزيت على نيران الكراهية في المجتمعات القبلية الطائفية، “شرفنا” ممثلو الشعب هنا في الكويت بإشعال حروبهم الطائفية في ما بينهم، حرب القبيلة السنية ضد القبيلة الشيعية، وإذا كان هؤلاء النواب قد أرادوا التعبير عن مشاعر العصبيات الدينية المذهبية لقواعدهم الانتخابية، فكان أولى بهم أن يرتقوا بخطابهم في البرلمان عن اللغة المعيبة التي سادت جلسة الخميس الماضي. بداية لم يكن هناك حاجة أساساً إلى أن يتصدى بعض النواب الشيعة بالدفاع عن النظام في سورية في ما بدا لهم أن هجوم الأغلبية الدينية السنية على نظام الأسد هو هجوم على الطائفة الشيعية بصورة مبطنة ولهم بعض الحق في ذلك، وليس كل الحق، فمثل تلك الدكتاتورية العائلية الحاكمة في سورية لا تستحق أي دفاع عنها، إلا أن النائب جمعان الحربش بدوره لم يكن موفقاً في ردوده “لكم مذهبكم ولنا مذهب”، فمثل تلك العبارة ليست مسيئة بحق الشيعة فقط وإنما بحق الكويت كوطن يجمع كل أبنائه في وعاء واحد بصرف النظر عن أصولهم أو مذاهبهم. هنا تبرز حقيقة الأصولية الدينية حين تطرح جانباً الانتماء الوطني وتقدم الانتماءات المذهبية عليه، وهي انتماءات قبلية في جوهرها ترفض كل فكرة لمفهوم الدولة الأمة، وهذا هو المرض السرطاني الذي يسري في معظم “دولنا” العربية في ربيعها المجهولة نهاياته. الحكومة تدرس الآن تقديم مشروع قانون “للوحدة الوطنية”، ومثل تلك المشاريع إن أقرت فلن تكون غير خنجر آخر في خاصرة حرية التعبير، فالوحدة الوطنية لا تخلقها القوانين، وإنما تتراكم في ضمائر أبناء المجتمع وفي ذاكرتهم الجماعية وتقوم على مبادئ المساواة والعدالة بين المواطنين، فلنكف عن اختلاق مشاريع قوانين هي ردود فعل تضر ولا تنفع، وليكن مذهبنا واحداً اسمه الولاء للوطن.