حسن العيسى

صفقة فاوست في ياخور كبد

بيت الشعر في ياخور كبد لن يقدم تنمية ولن يقدم إصلاحاً حقيقياً في السياسة والاقتصاد والوحدة الوطنية، ياخور كبد سيفرض الدولة الدينية المستبدة عندما وضع السياسيون العمم الدينية على رؤوسهم، ونجحوا بامتياز في كسب قلب الشارع الكويتي الغارق بنهم الاستهلاك والسابح في ثقافة سطحية خاوية من أي معنى، بيت الشعر في كبد سينسف خمسين عاماً من العمل من أجل الدولة المدنية بمؤسساتها وقوانينها المختلفة رغم ما أصاب الأخيرة من ثقوب عميقة في مسائل الحريات الشخصية، والمساءلة السياسية تمت كلها بفضل تحالف الأمس بين أهل اللحى وأهل السلطة، واليوم نعود في الكويت حالها من حال دول الربيع السلفي العربية حين تهرب من الدكتاتوريات الحاكمة لتحشر في فخ الدولة الدينية التي يقودها كهنة القرن الواحد والعشرين، ليقع طلاب الحرية والثقافة الإنسانية بين مطرقة النظام وسندان الدولة الاستبدادية الدينية، وهي دولة تطيح بالنقاء الروحي للدين جانباً لتفرض رؤى الجماعات الدينية المنغلقة على ذاتها والرافضة للفكرين الحضاري والعلمي، ففشلت في استيعاب سنن التطور، وصعقت بصدمة الحداثة فارتدت على أعقابها تنشد الأمان في يقينيات الموروث التاريخي، فهي عجزت عن فهم الحاضر فانتكست للماضي وأعلنت الحرب على المستقبل. لم تكن هناك حاجة ليوافق التكتل الشعبي على صفقة الياخور بالبصم على تعديل المادة الثانية من الدستور مقابل ضمان صوت تحالف الياخور الإسلامي بالتصويت للنائب أحمد السعدون للرئاسة، فللأخير مكانته العالية سواء كان على كرسي الرئاسة أو على مقاعد النواب، وإذا كان هناك من يلتمس للتكتل الشعبي عذره بقبول الصفقة بسبب ضغط الشارع المحافظ في مناطقه الانتخابية إلا أن الطريقة المتعجلة في تمرير مثل صفقة البؤس هذه تذهب بكل عذر للتكتل الشعبي، فحزب الياخور يعقد صفقته مع الشعبي ويتغدى معه اليوم وبالغد سيتعشى به. كأن مأساة  فاوست في الأسطورة الألمانية تتشكل من جديد في السياسة الكويتية، إلا أن فاوست غوته في صفقته مع الشيطان كان يبحث عن العقل الرافض للمطلق المستبد فباع باقي عمره مقابل نعم ولذائذ وقتية عابرة، بينما صفقة الياخور ستسحق العقل وكل معاني العقلانية وحقوق الإنسان، وستؤجج الصراعات المذهبية، في الوقت الذي نكاد نختنق فيه من عفنها. كل هذا يتم باسم الدين، والدين منه بريء، ولن يكسب اليوم من مبايعات الكرب غير تجار العواطف الدينية والمرتزقة المستثمرين في تجارتهم حين يرتدون ثوب المحتسبة ويهرولون إلى النيابة العامة ضد أصحاب الفكر والقلم بشكاوى الحسبة شكلها يدافع عن العقيدة وباطنها يقيم أسس محاكم التفتيش المرعبة كما كانت في قرون أوروبا المظلمة، التي يعاد إنتاجها اليوم في شرقنا العربي. ويا خسارتنا في الشعبي بصفقات الجواخير.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *