منذ الأسبوع الفائت والصحافة تردد كل يوم تقريباً تهديدات وزارة الداخلية للبدون بأنها لن تسمح لهم بالمزيد من المظاهرات والتجمعات، وأن تجمعهم (البدون) في تيماء في الجمعة الماضية كان “العشاء الأخير”، فالوزارة يبدو أنه قد نفد صبرها من تلك التجمعات، ولم تعد تتحمل المزيد وكأنها في كل تجمع للبدون كانت تفرش لهم الورود وتبسط لهم السجاد الأحمر، ولم تكن تلاحقهم بعصي وهراوات القوات الخاصة في حواري مساكن البؤس لجماعات البدون. وزير الداخلية بدوره قدم وعوداً وتعهدات شخصية لحل أوضاع البدون، ولا أحد يذكر أن وزيراً قبل الشيخ أحمد الحمود قدم مثل تلك الوعود بتجنيس المستحقين لها من إحصاء ٦٥ وأبناء الكويتيات من المطلقات والأرامل، ومن خدموا في السلك العسكري… إلخ، وهذه نقطة يجب أن تحسب في ميزان الوزير، إلا أن الكثير من البدون -ولهم عذرهم– تتملكهم مشاعر اليأس من مثل تلك الوعود، فهم يرون أن الدولة وعدتهم بالكثير في السابق، ولم يتحقق الكثير من وعودها في الحصول على الجنسية لمن يستحق، ولا بتوفير الحد الأدنى من المساواة في المعاملة الإنسانية مع إخوانهم الكويتيين، فأكثر ما تم تحقيقه لهم هو مجرد تأكيدات الجهاز “المركزي” لمعالجة أوضاع غير محددي الجنسية، بتوفير شهادات الميلاد والوفاة والعلاج الطبي ومنح دراسية في المدارس الخاصة لبعضهم تكفل بها بيت الزكاة وبيوت الخير…! ولابد هنا من وقفة صغيرة تظهر حجم اليأس من صدقات الدولة لهم، فقد ذكرت جريدة الراي قبل فترة عن أحد البدون الذي ذهب للعلاج في أحد المستشفيات الحكومية، فتم رفض علاجه – حسب خبر الراي – بالرغم من أنه قدم جواز سفره الكويتي، لكن إدارة المستشفى لم تعترف به، فما كان من ذلك البائس إلا أن مزق جواز سفره أمام “سلطات” المستشفى، عندها تم إبلاغ الشرطة واقتيد المريض “البدون” إلى سجون أمن الدولة، ربما لاستكمال علاجه في غرفها المظلمة…! تلك كانت حكاية محزنة تخبرنا عن الكم الكبير لحالة الإحباط النفسي لفئات البدون، وتظهر أزمة الثقة الكبيرة بين السلطة والبدون، وأزمة البدون الأكبر أن متنعمي الجنسية الكويتية لا يشاركونهم همهم، وقلة من يكترث لهم من أصحاب الأقلام ومدعي الحريات حسب الوصفات الكويتية، والمطلوب الآن أن يتسع صدر السلطة بعض الشيء، فلن يهتز أمن الدولة ولن تزلزل أركانها إن خرج بعض البائسين غداً للتعبير عن بؤسهم، فقليلاً من “وساعة الصدر” يا وزارة الداخلية.