مضت ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالأمس من دون أن يذكر أحد ندبة كبيرة (من جملة ندوب كثيرة) في الوجه الكويتي اسمها “بدون”، وهم “الأوادم” التائهون في فضاء الجنسية الكويتي بجنات نعمها وسخائها للفرد الكويتي، وقبل أيام أقامت منظمة هيومان رايتس ووتش وباسم الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان حفل العشاء الخيري الذي يعقد أول مرة في دولة خليجية مثل الكويت، وكان هم الحكومة تلميع وجه الكويت في ملفات تلك المنظمة بدعوة أعضائها إلى لقاء كبار المسؤولين بحفلات العشاء الدسمة، وربما فكرت الحكومة في دهان سير وفد المنظمة بحكم عاداتنا وتقاليدنا السياسية، بينما كان الزوار من أعضاء منظمة أوضاع البدون، التي تخترق مبادئ حقوق الإنسان، وتساءل أحد أعضاء الوفد الزائر عن سبب عدم منح ٣٥ ألف فرد (من أصل مئة وستة آلاف بدون) الجنسية الكويتية طالما أنهم يستحقونها حسب الإقرارات الرسمية الحكومية، ولم يجد صاحب السؤال جواباً غير “الفورمة” المعتادة من أن البدون تصرف لهم شهادات ميلاد ووفاة وبطاقة تموين، وفي بعض الأحيان توفر الدولة سكناً للعاملين منهم في الجيش والشرطة وقطاع النفط، أما “حقهم” في المواطنة فلا يبدو أنه من الشأن الحكومي، ولا من شأن أغلبية نواب الأمس سواء كانوا من المعارضة أو الموالاة.
أكثر من ذلك ليس من حق البدون التعبير عن أوضاعهم، فالتجمع بساحة الإرادة ميزة للكويتيين فقط كما تقول وزارة الداخلية، أما البدون فليس لهم غير حق الصمت وعدم البوح عن أوضاعهم المعلقة بين المواطنة والغربة. السؤال الآن هو ما إذا كان أي من المرشحين للمجلس القادم سيتبنى قضية البدون في برنامجه الانتخابي، وتحديداً البدون المستحقين للجنسية، أم سيهمل ملفهم؟! الإجابة تكاد تكون معروفة، فالبدون ليس لهم صوت انتخابي ولا يملكون قوة ضغط سياسية كافية، وبالتالي فلا يمكن تصور أن وضعهم سيحمل أي ثقل عند معظم المرشحين، وعلى ذلك سيظل بدون الكويت في مكانهم يراوحون. وستمضي ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من دون ذكرى.