حسن العيسى

هذا الشرع يا أسيل

سألت النائبة أسيل العوضي (غير المحجبة) الوزيرة في وزارة تصريف العاجل من الأمور الدائمة موضي الحمود (غير المحجبة أيضاً) عن معنى قيام ملالي الدين مثل الداعية نبيل العوضي وغيره بزيارات «دعوية» لمدارس البنات، وما إذا كانت مثل تلك الزيارات «الفكرية العميقة» تتسق مع برامج وأهداف التربية في وزارة التربية (وتلك الوزارة تاريخياً أضحت مختصة بالتربية الأصولية وليست لها علاقة بالتعليم).
النائبة العوضي تعترض على حفلات غسل العقول للجيل القادم التي تجرى على قدم وساق منذ زمن طويل، تربع فيه مشايخ الصحوة على وسائد الوزارة هانئين مستريحين مهما تغيرت الأسماء «الليبرالية» على كراسي وزارة التربية، بدءاً من د. حسن الإبراهيم حتى د. موضي الحمود. فمناهج التربية التي تحض على كراهية الآخر غير المسلم أولاً ثم يأتي الدور ثانياً على المسلم الذي ليس من أهل «السنة والجماعة»، وتصف طائفتهم بالمارقين الخارجين عن الملة والعقيدة، وتمضي عمليات الاستبعاد المبرمج دينياً «للآخر» إلى ما لا نهاية، وتضيق دائرة الفرقة الناجية شيئاً فشيئاً على «الغير» كي لا يبقى فيها آخر الأمر «غيرهم» هذه المناهج ثابتة كالجبال مهما تفجرت وتشققت حناجر المعترضين. ولا يمكن بالتالي عبور الجسور للجنة الموعودة بغير كروت الإقامة المختومة من دائرة التصديقات في وزارة الحقيقة الخاصة بهم. وتعبير وزارة الحقيقة خلقه جورج أورويل بروايته تحت عنوان ١٩٨٤، وهو (أورويل) وإن قصد به قبل ستين عاماً الأنظمة التسلطية، فإن وصفه يصدق اليوم على كل جماعة تستبعد الآخر وتمارس سلطة «الأخ الأكبر» على الآخرين.
الداعية والكاتب في الصحافة المكتوبة والتلفزيون وفي عوالم الإنترنت الشيخ العوضي يطمئن ويغيظ النائبة د. أسيل بأن الحجاب من أمور الشرع، وهو يزيد يوماً بعد يوم عند بنات أمتنا الكويتية التي تنحي في الإنتاج جانباً كل «كوادر» الأمتين الصينية واليابانية مجتمعتين. كأن الشيخ العوَضي يهمس لقريبته بأن الحجاب فرض من فروض الشرع، وما دام هو من الشرع «فالكل ياكل تبن» مثلما قالها حسين عبدالرضا رئيس محكمة الفريج الكويتية.
أين نجد في رد الشيخ نبيل مكاناً للحوار والرأي الآخر ما دام هذا رأي الشرع! وأين مكان العقل النقدي والجدلي ما دام هذا رأي الشرع! وإذا كان هذا «رأي الشرع» فكيف يمكن أن تنهض هذه الأمة لعوالم المعرفة والعلم والشك الوجودي وتقلع من جمود الخرافة و»العقل الأوحد»، وهو أصل السلطان الأوحد «ظل الله في الأرض» كما عبر أحد خلفاء عصرنا الغابر، نقلع لسماء الحريات والنقد لكل فكر أياً كان من دون رقابة ولا إرهاب «الأخ الأكبر» وولاية مشايخ أهل الشرع. ربما هناك بصيص من الأمل قادم مع ثورات الشباب!
وربما هناك أبواب لجحيم الفكر الإقصائي ستفتح للقادم في عذابات الحروب الطائفية والقبليات التي نشهدها اليوم. «ربما» تعني كلمة احتمال، والمستقبل كله احتمالات، وحتى الغد المجهول، ليس لي غير القول لأسيل إننا ننفخ في قربة مقطوعة ونؤذن في مالطا مع هذا الحكم السياسي، وهذا الفكر المتزمت الرافض لحركة الزمان وتغير المكان، ونحن محشورون بين فكي تلك الرحى ما دام هذا الشرع كما يريده الشيخ نبيل ومن هم على شاكلته وما أكثرهم…!

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *