«سنضرب بيد من حديد» عبارة كما يرددها سلاطين الأمة العربية انتهت صلاحيتها، وليس لها مكان اليوم في «تسونامي» المنطقة العربية، ووزارة الداخلية ضربت بيد من حديد على بؤساء البدون، حين تجمعوا في مظاهرات سلمية في الجهراء والتيماء، ولم تكن وزارة الداخلية في حاجة إلى اليد الحديدية كي تظهر عضلاتها على المتظاهرين، وكانت نية المتظاهرين التعبير عن سخطهم على أوضاعهم المزرية وإحباطهم من الوعود الكلامية للحكومة و»تابعها» المجلس دون أن تظهر أي بادرة أمل على عزم أي من السلطتين على تحقيق تلك الوعود.
البدون «البشر» تظاهروا لأن هناك في الحكومة من «طق الصدر لهم» بأن يتم إقرار حقوقهم المدنية الأحد عشر (ومن بينهم حقهم في شهادات الميلاد والوفاة…! يا سلام على كرم وأريحية السلطة) في جلسة 8 مارس البرلمانية، ولكن تم تطنيشهم من عدد من نواب العرق السامي الكويتي. كان أضعف الإيمان أن تبادر الحكومة إلى إقرار تلك الحقوق بقرارات إدارية وحتى تثبت بقانون في ما بعد كما نأمل، وهي بالمناسبة تمثل الحد الأدنى للمعايير الإنسانية ولا تعني التزاماً بتجنيسهم، إلا أنها أخلفت وعدها وقصرت كلامها على بدون إحصاء 65، وستأتي وعود وبعدها وعود… وانتظر «يا حمار حتى يأتيك الربيع»!
بعد تلك الممارسة خرج بعض النواب المتقين للأسف بعبارات تحقر وتحط من كرامة البشر، نعتوا بها البدون مثل كلمة «كواولة»…! مثل تلك الكلمة ما كان يجوز أن تصدر من أصدقاء وإخوان لكاتب هذه السطور فهذا لا يليق بهم، فبدون الكويت ليسوا غجراً امتهنوا الرقص والتنقل من مكان إلى مكان آخر دون هوية بل هم من أعرق القبائل العربية وهم ولدوا بالكويت وعاشوا وضحوا من أجلها، وليس كلهم جاؤوا خفية ثم مزقوا جوازات سفرهم وقالوا «نحن بدون» كما يردد الكثيرون من رموز العنصريات الكويتية، وحتى هؤلاء الغجر «أهل الدق والرقص» لهم حقوقهم الإنسانية، ولهم دول يحملون جنسيتها وتحترم كرامة البشر.
هل نطلب الكثير من وزارة الداخلية حين نسألها قليلاً من «وساعة الصدر» في معاملة متظاهري البدون، وهل نطلب الكثير من إخواننا النواب غير القليل من الاحترام يبدى لإخوة لهم في الإنسانية وفي الأرض التي ننتمي إليها جميعاً…!
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة