«محرضون في الخارج، مؤامرات تحاك في الدول الغربية، الصهيونية وعملاء الصهاينة، الإخوان المسلمون»، مثل هذه العبارات السابقة هي المشاجب التي يعلق عليها أهل النظام والفاشلون كل مآسي بلدانهم، فالقذافي وعلي عبدالله صالح وقبلهما زين العابدين وحسني مبارك وبقية شلل حكام «البتكس» وجدوا في «الخارج» والمؤامرة الأجنبية عذرها وتفسيرها لكل أسباب الثورة ضد أنظمتهم التسلطية، وهي أنظمة الفشل التي تتساقط اليوم مع ثورة الشباب العربي.
سؤالي ما إذا كانت عدوى المشاجب لا عدوى الثورات والانتفاضات قد أصابتنا هنا في الكويت؟ فقد صرح أكثر من عضو برلماني وكتب عدد من كتاب «الحكومة دائماً أبخص» من الذين يدعون دائماً «الاستقامة السياسية» للنظام مهما كان، بأن مظاهرات البدون هذه الأيام هي بتحريض من الخارج، وأوضاع البدون عند الحزب «الإنساني» الكويتي وهي ولله الحمد كاملة وغير ناقصة، فهم يتعلمون في أحسن المدارس، ويعالجون في أفضل المستشفيات، والدولة تكفلت بسكنهم وبكل صغيرة وكبيرة في حياتهم، ولا ينقصهم غير كرت صغير مكتوب عليه كويتي، وعدا ذلك فهم كذابون ومزورون قدموا للكويت بطريق «التهريب» بحراً أو عبر قوافل البدو الرحل براً، واستقروا هنا ثم مزقوا جوازاتهم ووثائقهم الأصلية وقالوا إنهم «بدون»… ومن أهل الكويت…!
يا ترى قبل صدور قانون الجنسية كيف كنا نفرق بين البدون وأهل الحمايل؟ ثم في حملات التجنيس السياسي التي تمت في سنوات الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات من القرن الماضي كيف منحت جناسي الجنة الكويتية للبعض منهم وكيف حرم غيرهم؟ الجواب عند أهل العلم والدراية بالعرق الكويتي وجماعات المحافظة على «ثروة تقاسم الكعكة الكويتية» على أهل الكويت وحدهم طبعاً بامتيازات «هبش» خاصة للقلة الدائرين بفلك السلطة وبالفتات لمن تبقى. فهم يرددون بأن كعكة الامتيازات الكويتية بقي منها القليل، وبالكاد تكفي شخصية «أنا كويتي وعزومي قوية»، فهل من المعقول أن نقبل صرف ما تبقى من ثروة الأجيال على «عوير وزوير» من بدون الكويت! أما كفانا فساد وطيش الحكومات المتعاقبة ومعها نواب الأمة في مجالس كثيرة حتى يأتي اليوم ونطالب بالاشتراكية في ثروة العطايا والمنح والمناقصات مع البدون؟
إذن ما الحل… غير بقاء الأحوال على حالها المائل… فلا زمن يمضي ولا شيء غير الثبات والسكون… وغطس الرؤوس بالرمال، وليس للبدون، غير انتظار نهاية إجراءات البحث والتقصي عن أصولهم وعروقهم ولو نبشناها في قبور أهل عاد وثمود…؟
تبقى لي ملاحظة على جماعة العمل الوطني الذين قالوا إن الجنسية من أعمال السيادة…! وبالتالي حسب هذا الفهم القاصر، فالسلطة التنفيذية وحدها التي تختص بالمنح والحرمان دون معقب ودون رقابة، والقانون الذي انتزع من القضاء سلطة النظر في مسائل الجنسية يصبح دستورياً وفوق الدستور عند إخوان العمل الوطني، فشكراً كثيراً لوطنيتهم ولعمق فهمهم لمعنى الشرعية الدستورية.