لماذا أقلقت حالة العنوسة النائب فيصل الدويسان حتى يتقدم باقتراح الدعم المالي بمبلغ 15000 دولار للمتقدمين من الرجال لخوض غمار مخاطر الزواج من ثانية، التي يجب أن تكون بمواصفات "عانس" وتجاوزت الأربعين عاماً أو أرملة أو مطلقة؟ وسؤالي إلى النائب ما إذا كان اقتراحه "الإنساني" يختلف عن مشاريع دعم مربي الماشية والغنم أو من في أحكامهم؟ فالمسألة هنا لا تختلف في جوهرها، فتدخل الدولة يصبح ضرورة في عرف النائب لدعم الثروة الحيوانية أو موارد الثروة النسائية.
لا أدري لماذا توحي كلمة عانس أو عنوسة بدرجة ما من التحقير والاستهزاء الاجتماعيين للنساء اللواتي لم يحالفهن الحظ في الزواج… يقيناً إن الحط والتحقير هنا قاصران على النساء بحكم عاداتنا وتقاليدنا السامية، فكلمة "عانس" اجتماعياً لا تمتد إلى الرجال، فالرجل غير المتزوج نسميه "عازباً"، وهو في كثير من الأحيان موضوع حسد وغيرة من المتزوجين الذين أضاعوا حقوق الفرفشة، أو قلل الزواج مساحة حدود حرياتهم في اللهو غير البريء، أو خفض على الأقل استعمال اختياراتهم لانتقاء الأفضل (أو ربما الأجمل) من أسواق النساء وفقاً لنظرية داروين في البقاء للأفضل.
أياً كانت مرامي النائب في مساعيه إلى حل أزمة عانسات الدولة، فإن اقتراح الخمسة آلاف دينار لا يبدو الحل السليم لفاقدات الحظ، فهذا المبلغ إن كان يكفي للمهر فلن يعالج كبرياء الزوجة رقم واحد حين يتزوج الرجل من الثانية، ولن يسد المبلغ أي جزء من أعباء طلبات البيت الآخر ما لم تكن الزوجة رقم 2 ثرية ولا تمانع في المساهمة المالية! أياً كان الرأي في اقتراح النائب فيصل الدويسان لحل معضلة عوانس اليوم، فإنه من المؤكد سيفتح الباب لتجار "الزيجات" مثلما فتح قانون الكفالات أبواب الخير لتجار الإقامات، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، يظهر يقيناً أن مشروع النائب هو تشريع لسوق الجواري بوجه إنساني معاصر، و"هجي ديرة يبيلها هجي اقتراحات بقوانين".
ملاحظة: ورد خطأ أمس الأول اسم المؤرخ غانم يوسف شاهين الغانم في عنوان المقال، أما عدد كتبه التراثية فهو تسعة لا خمسة، يتحدث معظمها عن ذكريات الكاتب في الكويت القديمة.