من وظائف الدولة المدنية توفير أراض كافية لجميع الاستخدامات.
الواقع يخالف ذلك تماما، فقد فشلت الحكومة في توفير الكافي من الأراضي السكنية، وهذا كما هو معروف لن يتم إلا بعد تخلص ‘الكبار’ مما لديهم من أراض سكنية بأحسن الأسعار، ولكن ما عذر الحكومة، أو السلطة بالتحديد في عدم توفير الكافي من المساحة التخزينية؟
لقد أدى النقص الرهيب في المساحات المخصصة للتخزين ليس فقط لارتفاع ثمن الخلو في القليل المتوافر منها لأكثر من مليون دينار لكل ألف متر مربع، بل وشجع ذلك بعض المتنفذين، ومن هم حولهم، لتحويل مساحات شاسعة من الأراضي المخصصة لهم لأغراض الزراعة والصناعة وتربية الماشية إلى مخازن رسمية، وبإيجار يبلغ أحيانا أربعين دينارا للمتر الواحد سنويا مقابل دفع فلس واحد عن المتر إيجارا للدولة !!
إن هذا الإثراء غير المشروع ليس خطيرا فقط من الناحية القانونية والأخلاقية، بل خطير أيضا على الأمن، فهذه المخازن تفتقر لأدنى متطلبات السلامة، كما أن طرق التخزين فيها لمختلف المواد خطيرة، ولأسباب عدة لا يسمح لأي جهة حكومية بدخولها!
ولو تمعنا في الأمر قليلا لوجدنا أن مسؤولية الحكومة في عدم توفير مساحات كافية للتخزين لا تقل عن مسؤولية هؤلاء في مخالفة القانون، فشح المخازن الخطير في السوق شجع الكثيرين على اقتناص الفرصة والإثراء بكل السبل!!
وهناك مشكلة أخرى تتعلق باضطرار الكثير من التجار إلى تخزين بضائعهم في سراديب العمارات القريبة من محلاتهم، وهذا ما لا يسمح به القانون أيضا، خاصة أن هذه السراديب غير مبنية أو مهيأة لهذا النوع من الاستخدام لافتقادها لأدنى متطلبات السلامة، وكثيرا ما نسمع بنشوب حرائق خطيرة فيها تهدد السكان والممتلكات.
إن مشكلة التخزين في السراديب ناجمة بالطبع عن عدم وجود مخازن قريبة من المجمعات التجارية، والتي رخص لها من دون حساب لحاجة محلاتها لمخازن قريبة منها. والحل يكمن في قيام الحكومة بتأسيس شركة مساهمة عامة يكون من أغراضها بناء مخازن متعددة الأدوار في المناطق التجارية بحيث يمكن استغلالها من قبل أصحاب محلات المجمعات وما جاورها كمخزن ثان قريب من محلاتهم، بحيث يمكنهم الحصول على احتياجاتهم الفورية من البضائع بسهولة ومن دون تأخير وعرقلة لحركة السير السيئة أصلا!
مشكلة التخزين في الجواخير والمزارع تتطلب تدخل السيد جاسم حبيب مدير عام هيئة الزراعة، ومشكلة نقص المساحات المخصصة للتخزين تتطلب تدخل السيد فلاح الهاجري، وزير التجارة، ومشاكل التخزين في سراديب العمارات تتطلب تدخل السيد موسى الصراف، وزير البلدية إضافة إلى مسؤوليته غير المباشرة عن المشاكل الأخرى.
أحمد الصراف