ورد في عمود ‘العميد’ محمد مساعد الصالح ان محكمة بريطانية منعت امرأة من اقتناء اي حيوانات منزلية لأنها التقطت فيديو لنفسها وهي تركل في منزلها قطة صغيرة!، وعلق الزميل محمد على الحادثة بأن الجنود البريطانيين، على الرغم من انهم ركلوا ويركلون المواطنين العراقيين، فان المحاكم البريطانية لم تصدر حكما بحقهم، وان الحيوانات، امام المحاكم البريطانية، اهم من البشر، وبالذات العرب!
يعلم استاذنا، وهو المحامي المعروف، أن المحاكم لا تصدر احكاما واوامر من تلقاء نفسها، بل يتطلب الامر وجود جهة كالنيابة العامة تقوم برفع القضايا لها، وبالتالي فإن تلك القطة وجدت من يهتم بها ويرفع قضيتها للقضاء البريطاني، كما انه، وهذا هو المهم، ان الحكم سينفذ وسيوجد من يهتم بتطبيقه!
وعليه فإن الامر يتطلب تدخل جهة ما، ولتكن مؤسسة الزميل الكريم للمحاماة، لتقوم بتوكيل محام بريطاني يقوم بالدفاع عن حقوق المواطنين العراقيين الذين تلقوا ركلا، او غير ذلك، من الجنود البريطانيين، فبغير ذلك فإن القضاء البريطاني عاجز عن فعل الكثير بحق من ركل مواطنين عراقيين.
وفوق هذا وذلك، يعلم الزميل انه لا المواطن العراقي ولا غالبية مواطني شرقنا وغربنا العربي يتمتعون بأي حقوق سياسية او قانونية او حتى معيشية لكي نقارن اوضاعنا بأوضاع قطة بريطانية وحقوقها!، فعندما يفتقد الانسان الكرامة ويصبح ذليلا يهون كل شيء عليه! الكرامة قد تفقد، غالبا، من تلقاء نفسها، ولكن الذلة لا تأتي من فراغ، فعادة ما يسبقها تلقي ذلك المواطن، الذي ركله عسكري اجنبي تابع لقوة محتلة، ركلا اقوى وصفعا ومذلة من اخيه وابن عمه وقريبه، هذا ان بقي حيا يرزق، ولم يمت لسبب سياسي او حزبي آخر!
وعليه، فالعيب يا سيدي ليس فقط في الجندي البريطاني الذي ركل مواطنا اعزل، ولا في سكوتنا عن وقوع مثل تلك الاعتداءات على ابرياء، بل في تاريخ طويل من المعاناة والقهر والتجويع والتعذيب، والعالم سيحترمنا وسيحترم كرامتنا وسيتوقف عن ‘ركلنا’ متى ما وقفنا عن ركل بعضنا بعضنا، وأحداث احتلال دولنا لبعضها البعض لا تزال ماثلة في الاذهان، ومن يهن، يا سيدي، يسهل الهوان عليه!
أحمد الصراف