من المعروف اننا عربا ومسلمين، ندين كما يدين بقية بشر الارض للغرب بالكثير مما ننعم به من وسائل راحة وسبل اتصال ومواصلات. وإليهم وحدهم يعود الفضل في اكتشاف الكثير من اركان الدنيا التي بقيت مجهولة حتى وقت قريب، فالربع الخالي ومنابع النيل وغابات الأمازون ومنابع الأمازون ومجاهل افريقيا وقمم الهملايا، لم يكتشفها غير غربيين من اوروبا وأميركا.
كما يعود الفضل الأول والأكبر في ايجاد الأدوية والحقن، ان لم يكن كلها، والاجهزة والامصال الطبية التي قضت على الكثير من الاوبئة التي كانت تفتك سنويا وعلى مدى قرون طويلة بملايين البشر، إلى المختبرات والشركات الغربية وللملايين الخيرية التي تم التبرع بها للجامعات ومراكز الأبحاث الطبية والعلمية، وبالتالي من المؤسف حقا ان نجد من يتطوع منا، بمناسبة وغير مناسبة، لصرف مبالغ طائلة على كتابة وطباعة وتوزيع عشرات آلاف المنشورات والمطويات التي تتضمن تهجما مقذعا على الغرب بشكل عام والمسيحي بشكل خاص، والسخرية منهم ولعنهم والتقليل من شأنهم، والدعوة لاحتقار معتقداتهم ورسم صلبانهم وهي مكسورة ومرمية في أقذر الاماكن، واستمراء الطعن والتشكيك في ميلاد رموزهم والتقول عليهم بما لم يقولوه.
والغريب ان تقبل بعض ادارات الصحف توزيع مثل هذه المطويات والمنشورات المشبوهة، ضمن صفحاتها وكأنها تمثل وجهة نظرها، بالرغم من ان ما يتم تحقيقه من ربح مادي مقابل القيام بذلك العمل المخجل ضئيل من ناحية، ولا يقارن حتما بما يسببه من ضرر وتخريب داخلي وخارجي من ناحية اخرى، والأغرب من ذلك وقوف جماعة ‘المركز العالمي لنشر الوسطية’ امام كل هذا الكم الهائل من الهجوم المقذع مكتوفي الايدي، وكأن الأمر لا يعنيهم، وهم الذين اختاروا اول ما اختاروا، عقد مؤتمراتهم الوسطية في عقر دور الغرب، وبالذات في لندن وواشنطن، فكيف يستقيم سكوتهم عن صدور مثل هذه المنشورات لدينا مع سعيهم لكسب ود الغرب من خلال مخاطبته في كبرى عواصمه؟، وماذا سيكون رد فعلهم ان تمت في يوم ما مواجهتهم بهذه المنشورات التي تطعن ليلا ونهارا بأقدس أقداسهم؟
قد يقول قائل ان من حقنا ان نقول عن معتقدات الغرب المسيحي ما نشاء، وان ما يأتي منهم من دواء أو غذاء ندفع ثمنه نقدا لهم، وهذا المنطق سنقبل به، على الرغم من عدم صحته وخلوه من المنطق، لكن ليس من حقنا في الوقت نفسه التشدق بمركزنا العالمي لنشر الوسطية، فهذا المركز وما ينشر من فساد ديني لا يستقيمان معا في البلد الواحد ومن جهة واحدة.
فيا أيها المسيحي الكويتي وأنت أيها الغربي وفي أي بقعة تكونون نعتذر لكم جميعا عما بدر في حقكم من البعض منا، فإنهم لا يعقلون.. وننتهز هذه المناسبة لنهنئكم وأنفسنا بأعياد ميلاد سعيدة ومجيدة.
أحمد الصراف