طالب الشيخ صالح الفوزان، وهو واحد من كبار رجال الدين في السعودية، بفتح كليات شرعية في الجامعات المدنية، لان حاجة الناس للمفتي والإمام والخطيب والقاضي والداعية أكثر من حاجتهم للطب والعلوم الأخرى.
(وفي عالمنا المتخلف هذا والميئوس من أمره ربما يكون معه حق!).
وأعرب السيد الفوزان، في خطاب لصحيفة الرياض، عن أمله باهتمام المسؤولين بهذا الأمر، لان الناس، من وجهة نظره، بحاجة الى الفقه في دينهم وعبادتهم والى تقويم الأفكار والبعد بها عن الانحراف والغلو والتطرف ولا يمكن ذلك الا بدراسة العلوم الشرعية والعقائد الصحيحة والمنهج السليم.
لم يعلم السيد الفوزان ان الكويت سبقته في طلبه هذا، ولو بطريقة مختلفة، وأكثر عصرية وتقدما، عندما وافق مجلس وكلاء التربية العرمرم، برئاسة الوزيرة المعنية، والذي يفترض انه يمثل النخبة المتعلمة، وبأنها تحسب على التيار الليبرالي، ولا أدري أين هو هذا التيار، وافق المجلس، ولأول مرة في التاريخ، لخريجي المعاهد الدينية، من مستوى الثانوية العامة وما دون ذلك، على الابتعاث الى الخارج لدراسة المواد التي يرغبون في دراستها، طالما استوفوا بعض الشروط البسيطة، وهذا كفيل بمساواتهم مثلا بطلبة الفروع العلمية الذين نشفت في مآقيهم الدموع وهم منكبون على الدراسة الجادة أملا في الحصول على نسبة عالية تكفي لابتعاثهم الى الخارج.
كنت أتمنى وجود جهة رسمية تمتلك الشجاعة لتفيدنا بمستوى خريجي المعاهد الدينية، عندها سنرى العجب، فنسب النجاح فيها، كما أخبرني عليم، بالرغم من روتينية وبساطة المواد التي تدرس فيها، لا تتعدى الثلاثين في المائة، ترفع «قهرا» الى ما فوق الخمسين بقليل ذرا للرماد في العيون. ومن المتوقع صدور استثناءات عدة تجيز لغير مستوفي الشروط من «خريجي» الابتعاث للدراسة في الخارج اما لحسن الخلق أو لسماحة الوجه، او لوجود واسطة نائب، وعادة ما يكون من المتأسلمين!
إضافة الى ذلك، هناك قرار مساواة خريجي الشريعة بخريجي كليات الحقوق، وهذه مأساة أخرى تحدث في دولة العجب على الرغم من الفارق التعليمي الواضح بين مواد ومستوى التعليم في الكليتين! حدث ذلك ايضا بعد ان «أفتت» جهات بالسماح لخريجي الشريعة بالمرافعة امام المحاكم في حال نجاحهم في اجتيار اختبارات شكلية بسيطة تتعلق بأصول المرافعات وغير ذلك.
كما تم تعيين خريجي الشريعة بشكل مكثف في جهاز التحقيقات البالغ الأهمية، وسنرى ان تعيينهم سينتج عنه عزوف الطلبة عن الدراسة في كليات الحقوق الصعبة، والاتجاه الى كليات الشريعة السهلة المواد، طالما ان النتيجة، بعد التخرج واحدة! وسيساعد وجود هذا العدد الكبير من خريجي الشريعة في الأجهزة الأمنية والعدلية في السنوات المقبلة في قضايا «تطبيق الحدود»، والتعسف في تطبيق القانون، ان تغاضت الحكومة عن تدخلاتلجنة السلبيات البرلمانية.
نعم، الموضوع يشكل خطرا جديا على الحريات والمنطق والعقل لكن لا اعتقد ان هناك من يود ان يفهم!
آه، كم من الجرائم تقترف باسمك يا شريعة ويا فقه!
أحمد الصراف