يتطلب الأمر عادة السير بالخطوات المعقدة التالية للمباشرة بعمل تجاري:
الحصول على رأس مال نقدي كاف وتجميده في بنك، واستخراج شهادة مصرفية وتقديمها لوزارة التجارة، وتعبئة نماذج عدة لهذا الغرض، واستخراج شهادة حسن سيرة وسلوك، وتأجير محل والحصول على شهادة من البلدية بصلاحيته للغرض المطلوب، ومراجعة الإطفاء وغرفة التجارة، وفتح ملف في الداخلية، ومراجعة التأمينات الاجتماعية ودوائر أخرى في البلدية لاستخراج رخصة اسم المحل، وتلبية طلبات للشؤون الخاصة بفتح ملف ومراجعة وزارة الصحة لاستخراج شهادات خلو العمالة من الأمراض، وعشرات المراجعات والتواقيع والأختام والرسوم الأخرى والانتظار لأسابيع مع ضرورة إنهاء معاملات البصمة وفئة الدم والبطاقة المدنية وسلسلة طويلة أخرى من الإجراءات، وهذه جميعها تمكنت وافدة مصرية من الاستغناء عنها والتغلب عليها بمساعدة «رشوة نقدية» دفعتها لجيش صغير من الموظفين والموظفات الكويتيين، الذين ربما تدل مظاهر غالبيتهم على التزام ديني واضح، حيث نجحت هذه المرأة في استخراج 400 ترخيص بأسماء مواطنين كويتيين حقيقيين يعيشون بيننا، وهذه التراخيص مكنتهم من جلب 1500 عامل هامشي وإدخالهم البلاد ورميهم في الشارع بعد قبض أكثر من مليون دينار منهم!!
ثم يأتي محررو الصحف ليكتبوا بالبنط العريض: مصرية زورت 400 ترخيص تجاري! وكان حريا بهم أن يكتبوا: عشرات المواطنين، من موظفي الحكومة، يسهلون لوافدة مصرية تزوير 400 رخصة تجارية مقابل رشاوى نقدية! فالرشوة تحتاج عادة إلى طرفين راش ومرتش، ولو كان للوافدة عذرها القبيح بأن خراب الكويت وتعكير صفو أمنها ليسا من مهامها أو أولوياتها، فما هو عذر المواطنين الذين كانوا لها عونا وسندا، وفي زمن الصحوة الدينية، وهم الذين طالما طرشوا آذاننا بأناشيد حبهم للكويت والذين ربما تمتلئ مركباتهم من الداخل والخارج بتمائم ومعلقات ونصوص دينية تدل على صلاحهم وطيب خلقهم!
قد تأخذ العدالة دورها وتقتص من هذه الفئة المجرمة في حق وطنها وأمنه وسلامته، إن لم يتدخل نائب أو متنفذ لفركشة الموضوع ووضع المسؤولية بكاملها على رأس الوافدة المصرية، وعفا الله عما سلف، وربما تكون هذه العصابة واحدة من العشرات المماثلة لها والتي لم يتم حتى الآن اكتشافها، ولكن ما يهمني كإنسان هو مصير هؤلاء العمال الــ1500 الذين دفع البعض منهم، من دون مبالغة، دما وربما أعضاء من أجسادهم، لدخول الكويت، غير مدركين أن عقود عملهم مزيفة وغير صالحة وأن لا عمل لهم ولا أمل! من أجل هؤلاء وسمعة وطني أنا على استعداد للتبرع بمبلغ خمسة آلاف دينار لجمعية حقوق الإنسان مقابل قيامها بتبني حملة جمع تبرعات للتعويض على هؤلاء المساكين وإعادتهم لوطنهم، سترا لسمعة وطننا التي عبث بها هؤلاء.. المواطنون!
أحمد الصراف