حتى مقارنة بلبنان، تعتبر تجربة الكويت مع الديموقراطية واسلوب الحكم امرا فريدا في عالمنا، ان استثنينا تركيا وماليزيا! وبالتالي من الصعب عدم الاعجاب بها، وربما تشجيع الغير على الاقتداء بها، وان باستحياء! ولكن تبقى المشكلة، بالرغم من ذلك، ان كل جهة ترغب في الحصول على المزيد مما يناسبها من حريات او سلطات، فلا طرف راض عما منحه اياه الدستور! وما يجعل الامور اكثر تعقيدا ان الحريات، في مفهوم البعض، وبالذات من المتشددين في أسرة الحكم، او المتزمتين دينيا، تفسر بغير طريقة تفسير الجانب الآخر المعادي لها. ومن هذا المنطلق لا يمكن ان تتوحد المشاعر وتتفق الآراء على تفسير ومبررات ما حصل مؤخرا من أحداث مأساوية، قد يسميها البعض شغبا، وآخرون مقاومة لطغيان السلطة! وبالرغم مما شكلته تلك الاحداث من صدمة للكثيرين وما تسببت به من «تلطيخ» لصورة الكويت الديموقراطية والمسالمة في الأذهان، فانه ليس من الصعب ملاحظة ان غالبية، ان لم يكن جميع، من شارك في تلك المصادمات، والذين اعترضوا الشرطة وطالبوا بمزيد من حرية القول والحركة لأنفسهم، هم في غالبيتهم من الذين لم ينفكوا عن المطالبة بحرية قول وحركة اقل لغيرهم، وبالذات من المعارضين لهم!
وبالرغم مما يبدو على السطح من ان السلطة تمسك بزمام الأمور، و«قادرة» على بعض النواب، فان قواها بدأت بالتضعضع، وصورتها بالاهتزاز، وسبب ذلك يعود لاستمرار صراعات الاقطاب، وفشلهم في الاتفاق على الحدود الدنيا، ربما بسبب كبر «الكيكة»!
ويعتقد البعض ان وصول المواجهة بين السلطة من جهة ومجاميع مؤثرة من النواب والمواطنين من جهة اخرى يفتح الكوة لكل الاحتمالات ويقضي على فرص تحاور أطراف الصراع. وقد تصل الامور لدرجة قريبة من الفوضى قبل ان تستقر. او قد تشهد البلاد احداث شغب او مقاومة تؤدي تدريجيا لما هو أكثر سوءا، خصوصا ان ليس بالامكان عودة الأوضاع السياسية الى ما كانت عليه قبل 1961! كما ان فرصة الحصول على مزيد من حرية القول والتصرف تبدو ضئيلة جدا.
أحمد الصراف