احمد الصراف

حلمك معنا يا سيدي

تتطلب شروط النشر كتابة المقال قبل يومين، ولا أدري ما سيحدث بين ساعة كتابة وارسال هذا المقال للجريدة ونشره، ولكن تعليقا على حادثة وفاة المواطن «المطيري» في أحد المخافر، وما سبقته من وفيات أخرى ربما، لمواطنين ومقيمين لم نسمع بها، وما تبع ذلك من استقالة وزير الداخلية لفشله في «تنظيف» وزارته، فانني أعتقد أن الوزير جابر الخالد الصباح واحد من أكثر وزراء الداخلية اخلاصا وفهما لعمله، واستقالته دليل على ذلك، فقد امتلك الشجاعة لأن يسجل سابقة في تاريخ الكويت، وأن يعترف بفشله! وهنا أعتقد أن من الصعب على أي وزير قادم اصلاح هذه الوزارة التي تراكمت مشاكلها على مدى نصف قرن، من دون امتلاك التفويض الواضح من القيادة العليا بتغيير ما يشاء، مع امتلاك القدرة والنية والعلم على احداث التغيير! وأعتقد أن علة الداخلية الأساسية تكمن في ثلاث مشاكل، الأولى: جزر النفوذ المستقلة والمتعددة داخلها والتي يسيطر عليها ابناء الأسرة الحاكمة، والذين يتجنب أي وزير اغضابهم أو التدخل في عملهم، الا في أضيق الحدود لأنهم مدعّمون. ومن المهم بالتالي التقليل من هذه السياسة الى الحد الأدنى، فمحاسبة غيرهم اسهل بكثير، ويكونون عادة أكثر تمسكا بالقوانين!
والمشكلة الثانية تكمن في تشدد الوزارة غير المبرر في الكثير من الأمور، وهو التشدد الذي نراه يتكسر يوميا على صخور الرشى، مثل التشدد في اعطاء اجازات قيادة مركبات، ومنع جنسيات معينة من الزيارات العائلية وغيرها الكثير، والتي ليس من الصعب وقفها، ان توافرت النية! أما الثالثة فتكمن في التساهل المخيف وغير المبرر في التعامل مع مرتكبي المخالفات، وحتى الجرائم، نتيجة تدخل متنفذ أو توسط نائب، وقد رأينا مؤخرا كيف تدخل النائب «محمد الهايف» للافراج عن متهم باغتصاب أطفال، وغير ذلك. وطوال نصف قرن ونحن نسمع عن مئات من جرائم تهريب شحنات من الممنوعات، ولم نقرأ مرة اسم المواطن الذي أرسلت له. كما نشاهد صور مهربي مخدرات في المنافذ، ولكن ولا مرة قرأنا اسم من كفل هؤلاء وسهل قدومهم! كما يعلم الجميع بوجود متاجرين بالبشر بيننا، ولكن ولا مرة كشفت اي جهة اسم متورط واحد، فهل نحن شعب من الملائكة؟ وماذا عن كل هذا التساهل في جرائم الأمن الخطرة مثل الاعتداء المسلح على المخافر ورجال الشرطة واتلاف مركباتهم، والتي لم نسمع بتقديم أحد من اطرافها للمحاكمة حتى الآن، وطوال السنوات العشر الأخيرة على الأقل!
ومن هنا يبدأ الاصلاح!

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *