معالي وزير الداخلية، لا شك لدي في اخلاصك واخلاص من سبقك. وأعتقد، من سابق خبرتك، أنك تعرف أن الداخلية مخترقة من محترفي دفع الرشوة ومن العناصر الفاسدة، وما نقرأه يوميا عن مخالفات رجال الأمن، ومنها قضية الميموني، إلا مثال صارخ على مدى تردي وضع الوزارة وضرورة تدخلك لوضع حد لكل هذا التشدد المفرط في جهات، ولين مفرط في جهات أخرى. فقرارات الوزارة مثلا تمنع دخول جنسيات معينة للبلاد إلا ضمن أضيق الحدود. كما تتشدد في منح استمارة أو إجازة قيادة مركبات لفئات من المقيمين، وتمنع التعليمات تعذيب المتهمين، وأخرى تمنع دخول المتسولين، وغير ذلك الكثير. ولكننا نرى أن كل هذه غير معمول بها بصورة سليمة، فالمركبات غير الصالحة تملأ الطرقات، ومنح الاستمارات وإجازات القيادة لغير مستحقيها مستمر، و«غير المرحب» بهم من جنسيات محددة يملأون البلاد، كما يسرح المتسولون من اصحاب «المشاريع الخيرية» في كل مكان ومناسبة دينية، ويحدث كل ذلك بلا شك، أكرر بلا شك، لأن هناك من يدفع وهناك من يقبض، أو لوجود واسطة، ولوجود من لا يتردد في مخالفة التعليمات وتعذيب المعتقلين في المخافر وجهات التحقيق وضمن جدران المباحث وسجون أمن الدولة!
نحن لا ننادي هنا بفتح أبواب الزيارة أمام المتسولين ومواطني الدول «المزعول عليها»، وإعطاء إجازة القيادة لكل طالب لها، والتراخي في التعامل مع المتهمين، ولكن نطالبكم من موقعكم الحساس بالعمل على القضاء، أو البدء في القضاء على الفساد المستشري في وزارة الداخلية، من خلال تخفيف إجراءات الزيارة وتطوير عملية مراقبة الزوار من خلال أحدث التقنيات، فلا يعقل أن يرفض طلب زيارة ابناء لوالديهم من دون دفع المقسوم أو التعرض لمذلة الواسطة! والقصص المماثلة كثيرة، وما عليك سوى تشكيل لجنة للنظر في الموافقات الحالية لتعرف من الذي يقبض ويسهل ما ستتشدد أنت، أو من سبقك في المنصب، فيه!
أما اللين فيكمن في طريقة التعامل مع تجاوزات العاملين في وزارة الداخلية، سواء ما تعلق بتجاوزاتهم الأمنية التي تملأ صفحات الحوادث يوميا، أو ما يتعلق بانتهاكات حقوق المتهمين الإنسانية، وطريق الإصلاح واضح ومعروف ولا يحتاج الأمر غير السير فيه، عدم الرد على اعتراضات أصحاب المصلحة في بقاء الأوضاع على ما هي عليه.
أحمد الصراف