احمد الصراف

ستيريوتايب المصري.. وثرواته

يعني Stereotype، أو الفكرة النمطية، الاعتقاد العام، غير الدقيق غالبا، بصحة ظاهرة ما عن مجتمع أو أفراد، لتأثر الفكرة بعوامل عدة أخرى. فطوال 60 عاماً رسخت الأنظمة العسكرية المصرية، بوعي أو بغير ذلك، وحتى ما قبل اسابيع قليلة، في الاذهان فكرة نمطية عن المواطن المصري، من خلال مختلف وسائل الإعلام الموجه أو السينما والمسرح، وما يصاحب مباريات كرة القدم وحفلات أم كلثوم من ظواهر سلبية، من أنه إنسان اتكالي وقليل الإنتاجية ولا يؤدي عمله إلا بالتهديد والضرب!
هذه الصورة النمطية لا يمكن إلا أن تخلقها الدكتاتوريات، وتطبخها الطغمة العسكرية التي تضع أمنها الشخصي وبقاءها في الحكم في الصدارة، مما يعني أن كرامة المواطن ولقمة عيشه تأتيان دائما تاليا. وهكذا تم مع الوقت خلق صورة نمطية سلبية عن الشعب، تبرر للأجهزة الأمنية ما كانت تقوم به من بطش بالمواطنين ودفعهم الى الهجرة، أو العمل في الخارج، قسرا بحجة عدم كفاية موارد البلاد الشحيحة لاطعامهم. ولو تمعنا في التقارير التي بدأت بالتسرب عن ثروات الرئيس السابق حسني مبارك وأفراد أسرته، وآخرها ما تعلق بقيام سلطات أكثر من دولة غربية بالحجز على حسابات الرئيس السابق، فما هو حجم ثروته في بنوك العالم، من نقد وغيره؟ وإذا كان الرئيس، المفترض انشغاله بـ«إدارة الدولة»، يمتلك مثل هذه الثروات الهائلة، فما مقدار ثروات جمال وعلاء وزوجته؟ وماذا عن ثروات بقية الشلة، الأكثر ذكاء وحرفنة من الرئيس واسرته بمراحل في كيفية تكوين الثروات؟ هذا غير الأموال الطائلة التي استولى عليها عشرات آلاف الوزراء والنواب والسياسيين والضباط على مدى ستة عقود في دولة لم تعرف الشفافية والعدالة طريقهما لمؤسساتها، التي حكمت من مباني وزارة الداخلية والدفاع أكثر من القصر الجمهوري والمجالس التشريعية الصورية!
ومن هنا نجد أن ما انتشر على الإنترنت من أن المبالغ التي قام هؤلاء بنهبها، في عهد مبارك فقط، قاربت مئات مليارات الدولارات ليس ببعيد عن الحقيقة، مما يعني أن ما حاولت الأنظمة العسكرية المتتالية من خلقه عن نمطية المواطن المصري وكسله وقلة انتاجيته كان غير دقيق، فمن أين سرق هؤلاء كل هذه الثروات لو لم تكن مما أنتجته الأيدي المصرية؟
ولو نظرنا إلى ما قام به «شباب ميدان التحرير» من عمل بطولي غير مسبوق في قلب نظام الحكم، ومحافظته على النظام والنظافة طوال أسابيع، بالرغم من عددهم الكبير، لوجدنا هنا أيضا عدم صحة تلك النمطية عن الإنسان المصري.

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *