تتساءل القارئة د. بورتويان عن سبب هذا الخلاف حول تسمية خليجنا، في الوقت الذي نرى ان الذراع المائية التي تفصل بريطانيا عن أوروبا يسميها الانكليز «القنال الانكليزي» أو The Channel، أما الفرنسيون فيسمونها بحر المانش La Manche، ولا تتذكر بورتويان اختلاف الطرفين على التسمية في العقود القليلة الماضية. ملاحظتها ذكرتني بقصة رواها المرحوم أحمد الربعي عندما زار عدن، قبل وفاته بقليل، عندما فوجئ بما آلت اليه اوضاع عدن، خصوصا سوق سمكها الشهير، الذي كان قبلة زوار المدينة بسبب غناه وتنوع اسماكه ورخص اسعاره ونظافته، وكيف أصبح، بعد أن غادر الانكليز عدن، واستلام الوطنيين للإدارة، عنوان القذارة والروائح الكريهة وندرة الأسماك وارتفاع اسعارها! وقال الربعي انه اشتكى للمدير عن هذا التباين الحاد، وكيف رد عليه المدير العدني العجوز قائلا: يا أحمد، رجع الانكليز وخذ سوق نظيف وسمك طازة ورخيص! وهنا نقول للدكتورة: هاتي شعبين متحضرين على جانبي الخليج، وستحل مسألة التسمية نفسها تلقائيا، فالخلاف ليس على أي التسميتين أصح، بل بما في الصدور من شكوك، فالإيرانيون يقولون، بكل براءة.. ربما!! ان لا غاية لهم ولا هدف قومياً أو امبراطورياً يسعون الى تحقيقه من وراء اصرارهم على التسمية، وانه حق يودون ابقاءه على حاله، بعد ان شاع في السنوات المائة الأخيرة، على الأقل! أما معارضوهم فانهم يقولون ان ليس في الأمر تغيير ما، فالخليج سبق ان عرف، من خرائط كثيرة، بالعربي، فلماذا لا يعود له اسمه القديم، وان ليس في الأمر تعصب أو شوفينية أو تعال عرقي بل مجرد إعادة الوضع الى ما كان عليه، فغالبية سكان الخليج ودوله من العرب! والطريف ان العراقيين لم يدخلوا طرفا في التسمية، على الرغم من ان الخليج كان يعرف في مرحلة ما بخليج البصرة، وهنا نجد من الأفضل، ان كنا بذلك الرقي الذي ندعي، ان نحاول التعايش مع التسميتين، ولكن من يضمن عدم تطرف جانب ضد الآخر والعودة الى إطلاق شتى الاتهامات.
حل المسألة قد يكون أسهل مما نتصور، فبإمكان لجنة من دول مجلس التعاون التوصل الى حل وسط يتفق عليه مع ايران، او الاتفاق على ان من حق كل طرف استخدام ما يشاء من دون ضغائن، كما في حالة القنال الانكليزي أو المانش. أقول ذلك ولا أزال على رأيي السابق، من ان مطالباتنا بالجزر الاماراتية المتنازع عليها مع ايران لا يمكن ان تحل الا بالحوار، وأي لجنة حوار لا يمكن ان تقرر لمن تعود ملكية تلك الجزر بغير العودة الى الخرائط، وتلاعبنا في الخرائط الدولية المعتمدة حاليا بتسمية محددة، سيضعف من موقفنا التفاوضي، وان كان بالإمكان تجاوز هذه النقطة، فلا توجد مشكلة اذا، ومن حق الامارات، وليس حقي، أخذ هذه النقطة بالاعتبار أو تجاهلها!
أحمد الصراف