يحظى الكثير من كبار إداريي الدولة بالاحترام والسمعة الطيبة، وربما يأتي على رأس هؤلاء العم عبدالعزيز يوسف العدساني، فبالرغم من طول فترة عمله الحكومي والتشريعي والتنظيمي التي بدأت قبل 40 عاما، عمل فيها عضوا ورئيسا للمجلس البلدي، ونائبا في البرلمان في التسعينات، وكان في 1995 وربما لا يزال، عضوا في المجلس التنفيذي الدولي للمبادرات البيئية المحلية في كندا، كما اختير عام 1997 عضوا مراقبا في المجلس الاجتماعي والاقتصادي التابع للأمم المتحدة، وهو الآن، وقد قارب أو تجاوز الثمانين من عمره المديد، يعمل رئيسا لديوان المحاسبة. المهم هنا أن السيد العدساني كان طوال هذه الفترة، وعلى مدى 34 عاما، أمينا عاما لـ «منظمة المدن العربية»، ولو أخذنا في الاعتبار أهمية الوظائف والمهام الخطيرة الأخرى التي يقوم بها لوجدنا أن من الاستحالة على رجل في سنه أن يقدم جديدا لمنظمة اشرف عليها لأكثر من ثلاثة عقود، وبالتالي نعتقد بأن من الأسلم تسليم الراية لمن هو أكثر نشاطا منه، ولكي يكون لديه الوقت لنقل خبراته لمن يأتي بعده، قبل فوات الأوان.
هذا من جانب، ومن جانب آخر لو نظرنا للمهام التي تأسست من أجلها «منظمة المدن العربية» قبل 44 عاما، لوجدنا أنها، مثلها مثل منظمة د. العوضي الإقليمية للبيئة البحرية، ما غيرها، وبقية الهياكل الهرمة الأخرى، لم تفعل الكثير! فمن أهداف منظمة المدن «الحفاظ على هوية المدينة العربية»! ولو بحثنا في كل زوايا الجهراء والفحيحيل وأم الهيمان عن دور لها لما وجدنا أثرا، فغيابها تام شامل، هذا غير تأثيرها الغائب في العاصمة، فإذا كانت هذه حال دولة المقر، المساهم الأكبر في ميزانية المنظمة، فما هي حال مدينة عضو مؤسس في المنظمة كالقاهرة مثلا، والتي حتما لم تصبح أفضل حالا في ظل إرشادات وتعليمات منظمة المدن العربية؟ ولو استعرضنا بقية أهداف المنظمة من رفع مستوى الخدمات في المدن العربية، نجد أنها انحدرت وساءت أكثر في العقود الأربعة الأخيرة، أما هدفها المتمثل في تعزيز دور السلطات المحلية فهو لا يستحق حتى طباعته في موقع المنظمة أو وجوده ضمن أهدافها. وعليه نعود ونكرر رجاءنا للسيد العدساني ولتاريخه الكبير والجليل التخلي عن هذه المنظمة ليأتي من يقوم بتفعيل دورها أو الاعتراف بالعجز وحلها، فوضعها الحالي والعدم سواء.
***
ملاحظة: ثلاثة كنت أشد الرحال لمحاضراتهم واحاديثهم: المرحوم أحمد البغدادي، والمرحوم خلدون النقيب، ولن أذكر اسم الثالث، لكي لا «يتفاول»! وبالرغم من التفاوت والاختلاف الفكري والسياسي بين الثلاثة، إلا انهم كانوا، ولا يزال الثالث، يمثلون لي ضمير المثقف الجاد والملتزم، وكما صعب تعويض البغدادي سيصعب تعويض امثال النقيب.
أحمد الصراف