ربما لم يسمع أحد منا بالباكستانية «مختارة ماي» من قبل، ولكن قصتها جديرة بأن تروى. ففي 2002 شوهد أخوها الأصغر يسير بصحبة فتاة من قبيلة أكثر نفوذا من قبيلتها، ولردع الغير عن التعدي على شرف القبيلة الأخرى الأرفع، ولو بالسير معها في الطريق، قرر حكماء القرية معاقبة الصبي بطريقة شرعية، وذلك بالحكم على شقيقته بالاغتصاب الجماعي من رجال القبيلة، وعلناً، وهذا ما حدث بالفعل.
وتقول «مختارة» إنها شعرت باليأس والمهانة، وكان أمامها أحد ثلاثة طرق: إما الانتحار، أو دفن نفسها بالحزن، وإما أن تواجه الموقف بقوة وتتحدى الظروف، وكان قرارها الأخير هو الذي دفعها لأن تتعلم وتفتتح مدرسة للبنات لتساهم في رفع مستواهن وتعريفهن بحقوقهن المهدورة.
عادت قضية «مختارة» للسطح مؤخرا بعد ان تدخلت المحكمة العليا في باكستان لوقف قرار احدى المحاكم بتبرئة خمسة من أصل الــ 14 رجلا الذين سبق وأن أدينوا بجريمة اغتصابها علنا، وهي الحادثة المأساوية التي أثارت في حينه مشاعر الكثيرين من مناصري المرأة والمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم أجمع، ويبدو أننا لم نكن وقتها من هؤلاء، ولن نكون!
وباكستان اليوم بانتظار حكم محكمة الاستئناف بحق مقترفي هذه الجريمة المسيئة للخلق والضمير والنفس البشرية، ويذكر أن الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف سبق ان منع «مختارة» من السفر، ووضعها قيد الإقامة الجبرية، خوفا من أن تغادر باكستان للغرب وتفضح أنظمة بلدها، وعلىالرغم من أنها حصلت على جوازها مؤخرا، لكنها لم تحاول مغادرة وطنها.
لا أدري لماذا نحن بحاجة الى وقوع مثل هذه المآسي المؤلمة لنعرف مدى حاجة مجتمعاتنا لجرعات كبيرة من زيادة الوعي والتعريف بابسط حقوق الإنسان، فما تتعرض له المرأة في المجتمعات المسلمة، وبالذات في المناطق المتشددة دينيا من باكستان وأفغانستان وإيران، هذا بخلاف دولنا الخليجية العامرة، أمر مؤلم ومؤلم جدا.
وفي تصريح للآنسة مختارة، التي تتمتع بوسامة لافتة، قالت إنها تلقت عروضا كثيرة للزواج، وانها قبلتها، مع شرط موافقة زوج المستقبل العيش معها في قريتها والعمل معها في المدرسة، وقالت إنهم هربوا جميعا، لأنهم كانوا يطمعون في ما تملك.. من مال!!
أحمد الصراف