كتبت الباحثة والمحللة النفسية التونسية، رجاء بن سلامة، التعريف التالي للمثلية الجنسية: «هي البديل العلمي الحيادي لتسميات أخرى ذات خلفية أخلاقية قديمة كاللواط والسحاق، أو حديثة كالشذوذ الجنسي. فالمثلية اتجاه جنسي يتمثل في اتخاذ موضوع من الجنس المماثل، مع عدم وجود أي التباس بيولوجي جنسي، ومع وعي الذات في الغالب بأنها تنتمي إلى جنسها البيولوجي، أي مع وعي الرجل المثلي بأنه رجل، ووعي المرأة المثلية بأنها امرأة» (انتهى). وبالرغم من عدم اهتمامي بهذا الموضوع فإنني، ومن منطلقات إنسانية بحتة، ابدي اهتماما ما بهذه الفئة لما تتعرض له من اضطهاد اجتماعي وامني واخلاقي غير مبرر. وتستطرد بن سلامة في الشرح بالقول ان عدم وضوح الهوية الجنسية نتيجة غموض في الأعضاء الجنسية في حالات «البين جنسية» هو ما يطابق مفهوم الخنثى قديما. وعلاج هذه الحالات بالجراحة قد يكون ضروريا في صورة تعارض وعي الذات مع هويتها الجندرية، أو الجنسية، التي أرادها لها الأبوان بالتسمية وأرادتها السلطات العامة بالحالة المدنية. ولكننا نشهد في السنوات الأخيرة مطالبة بعدم اعتبار «البين جنسية» عاهة أو تشوها، بل اختلافا يجب احترامه. كما أن هناك حالات من إنكار الهوية الجنسية مع عدم وجود أي خلل بيولوجي أو تشوه عضوي. وهذا هو مجال تبديل الجنس transexualisme، وهو مجال مربك فرض نفسه حديثا على الطب وعلى التحليل النفسي. فالذات في هذه الحالة تنكر واقع جنسها البيولوجي وترفضه وتريد تغيير جسدها وفقا لما توفره التقنيات الطبية الحديثة من عروض قد توهم بإمكان تغيير الجنس، رغم ما في الأمر من صعوبة، وما قد يؤدي إليه العلاج الهرموني والجراحي من خيبات ونتائج وخيمة. كما هناك أيضا الولع بالتنكر الجنسي، وخاصة لدى الرجال الذين يرغبون في التنكر في زي امرأة، لممارسة الجنس، على أن الممارسة الجنسية والوعي بالجنس لدى هؤلاء يظلان ذكوريين. وهذه الحالات ناجمة عن إنكار الاختلاف الجنسي، وإنكار افتقار الأم للعضو الذكوري.
المهم في مقالنا هذا ما ذكرته الباحثة بن سلامة من أن اغلب الأطباء والمحللين النفسيين توقفوا عن اعتبار المثلية الجنسية مرضا يمكن علاجه، وقد عبر فرويد في 1935بوضوح عن استحالة «علاج» المثلية الجنسية، وهي لا تمثل «جنسا ثالثا»، ولا جنسا بين بين، وليست مرضا، وليست شذوذا، وليست خللا بيولوجيا، وليست في حد ذاتها بنية نفسية، بحيث أن المثلي يمكن أن يكون عصابيا أو ذهانيا أو انحرافيا. إنها سلوك جنسي ناجم عن طريقة مخصوصة في عيش عقدة أوديب، وفي التماهي أو رفض التماهي مع الأم أو الأب. وختمت بأنها لم تفتح هذا الملف للإثارة أو الاستفزاز، بل لمحاولة التفكير معا في هذه المسألة لمزيد من التعريف بالمثلية والتعاطف الإنساني معها.
أحمد الصراف
[email protected]