يعتبر جالوست كولبنكيان Calouste Gulbenkian الشخصية الأشهر في التاريخ الأرمني الحديث، وواحدا من أثرى أثرياء التاريخ. ولد كولبنكيان في إسطنبول العثمانية عام 1869، وتوفي في لشبونة عن 85 عاما، وورثه ابنه الوحيد نوبار وابنته ريتا، التي تزوّجت دبلوماسيا ارمنيا إيرانيا. كان والده تاجر نفط، وأرسله إلى لندن لدراسة هندسة البترول في «كلية الملك». وبدأت مغامراته المالية في عشرينات القرن الماضي، وأصبح مواطنا بريطانيا وساهم في دمج شركتي رويال دتش وشل، وأصبح مالكا فيها بعد أن احتفظ، وكعادته، بما نسبته %5 منها، وفعل الشيء نفسه مع شركة نفط العراق، وهذا أكسبه لقب السيد %5. كما أسس شركة نفط تركيا، من مجموعة شركات نفط أوروبية، للتنقيب عن البترول في أراضي الإمبراطورية العثمانية، ولكن تطورات الحرب الأولى عرقلت جهودها مؤقتا، ولكن الشركة حصلت في عام 1925 على امتياز نفط العراق، واكتشفت بالفعل احتياطيا ضخما فيه، وهنا تمكن كولبنكيان من تضمين عقد الاتفاق بنداً سمّي بــ«الخط الأحمر» يمنع الأطراف المؤسسة للشركة من المشاركة في أنشطة تنقيب نفط خارج خط محدد، وعندما أرادت شركتان أميركيتان، من شركائه، الدخول في شركة أرامكو السعودية اضطرتا في نهاية الأمر إلى دفع مئات ملايين الدولارات لكولبنكيان لإلغاء شرط الخط الأحمر.
جمع كولبنكيان مجموعة ضخمة من التحف والآثار النادرة، واحتفظ بها في متحف خاص في جزء من منزله بباريس، ولكن تخلى عن بعضها للمتاحف البريطانية، خصوصا من اللوحات النادرة والآثار الفرعونية. وقام قبل الحرب العالمية الثانية بتأسيس شركة قابضة في بنما للاحتفاظ بممتلكاته من أسهم الشركة النفطية، ولا تزال هذه الثروة تمثل المورد الرئيسي لصندوق كالوست كولبنكيان في لشبونة، حيث تعيش أسرته إلى الآن. ومع الحرب العالمية الثانية حصل على الحصانة الدبلوماسية كسفير للعراق في باريس، ثم تبع حكومة فيشي وخدمها كوزير مفوض إيراني، وفي أواخر 1942 ترك فرنسا إلى البرتغال وعاش هناك في جناح فخم في فندق Aviz حتى وفاته، وقدرت ثروته حينها بين 280 و840 مليون دولار.
أحمد الصراف