لا تتعلق مسألة منع اختلاط الطلاب والطالبات في المدارس والمعاهد والجامعات بكونها مشكلة ترتبط بنقص القدرة الاستيعابية أو عدم كفاية الهيئة التدريسية في المؤسسات التعليمية، وهي المشكلة التي تحاول الجهات المعنية حلها بصورة مؤقتة ومشوهة، ولا يعرف كيف ستتعامل معها في السنوات المقبلة، بل بكونها مشكلة ذات ابعاد اجتماعية وأخلاقية خطيرة وسيئة، وهو ما سعى من أقروا القانون لترسيخه في أذهان الجميع، خاصة الشباب! فهدف هذا القانون المسخ، على مدى سنوات الدراسة، ترسيخ فكرة، أو بالأحرى مبدأ، صوابية فصل الجنسين عن بعضهما وجعله يبدو طبيعيا، وان وجود الجنسين معا مخالف للطبيعة وشر أخلاقي كبير، وان الأصل هو في الفصل في كل مجال، حتى ولو كان مختبرا طبيا. كما أن القانون وممارسته يرسخان فكرة أن من يخالف قانون منع الاختلاط مفسد وشيطان، وإن كان رجلا فهو وحش جنسي. وتمكن ملاحظة مدى هوس الجهات المتخلفة في ترسيخ «مبدأ المنع» في الطريقة التي كتبت فيها لافتات «ممنوع الدخول» البات والتام لكل جنس في قاعات دراسة وكليات الجنس الآخر، وليشمل الحظر حتى المدرسين والمدرسات، ومن حملة الدكتوراه، ولو تجاوزوا السبعين من العمر! فهؤلاء، وفق ما تبينه أوامر المنع، يمثلون خطرا «جنسيا» بعضهم على بعض داخل الصفوف والممرات الدراسية وخارجها، وبالتالي ليست لهذه المباني – في عرف من أجاز القانون – أي حرمة، كما يفترض، وخلق هذا الشعور بالدونية عند كل طرف، لكونه خطرا على الجنس الآخر، سينتقل مع كل طالب وطالبة لما بعد مرحلة الدراسة ويتكرس بالممارسة العملية وليستمر الفصل ويشمل كل مرافق الحياة، وهنا مكمن الخطورة وهدف من شرع القانون.
إن الحكومة مطالبة، وليس في ذلك ما يشين، بتقديم مرسوم بقانون يجيز الاختلاط ويلغي القانون السابق، وليأت مجلس الأمة في دورته المقبلة ويختار إما قبول المرسوم واما رفضه، فهناك على الأقل فرصة %50 في أن يمر، خاصة إذا ما سبقته تحركات حكومية ونيابية وطنية تعمل على إزالة هذا العار من جبين ابنائنا وبناتنا، والذي يخلق صورة مشوهة لكل جنس في ذهن الجنس الآخر وفكره.
أحمد الصراف