يعتبر غالبية اللبنانيين الطائفية سبب كل شرورهم! ولكن بالتمعن قليلا في الوضع اللبناني نجد أن الطائفية لم تكن دائما وبالا عليها، وبالتالي يجب قبولها والتعايش معها، كشر أو خير لا بد منه، فلا فكاك منها لا حاليا ولا مستقبلا، طالما بقيت دولنا على جهلها العقائدي. فالطائفية في لبنان كانت، وستبقى، المصدر الأكبر للدخل غير المنظور، وما أكثر تنوع دخل لبنان غير المنظور!
ينفرد لبنان بضعفه العسكري وفقر موارده الاستراتيجية والغذائية، وهذا ما يجعله، أو يجعل بعض مكوناته، بحاجة دائمة لمن يهتم بأمره ويوفر له الحماية العاطفية والأمنية!
تعدد طوائف لبنان، وهشاشة وضعه الأمني وجماله الأدبي والصحي والغذائي.. والبشري الأخاذ، أوقع الكثير من الدول، أو رؤسائها، في هواه، إما محبة خالصة أو عشقا، أو لسبب ديني أو مذهبي أو عقائدي سياسي، أو غالبا لاستخدامه كساحة لتسوية الحسابات، كما فعلت مصر عبدالناصر والسراج، واكثر منها إيران، هذا غير شبكات تجسس الدول الكبرى واعتداءات وتدخلات إسرائيل وغيرها!
وفي الماضي البعيد وقع الدروز في هوى لبنان، فهاجروا إليها من مصر ومن الشام، وكذلك فعل الموارنة وغيرهم، وكان لمحمد علي باشا، والي مصر، تعلق بها، حيث أرسل ابنه إبراهيم ليعيث فيها ما شاء من فساد، ثم جاء العثمانيون الأتراك، ففتكوا بمن بغضوا، وأعلوا شأن من أحبوا، ومن بعدهم جاء الفرنسيون، وعندما أجلتهم بريطانيا من سوريا تشبثوا بلبنان وموارنته، وفصلوا دستوره على قياسهم إلى أن نافسهم الإنكليز في «الهيام» بلبنان لفترة قبل أن يأتي الأميركان، وكان يا ما كان! وكان لروسيا ولع ما بأحوال لبنان وطوائفه، وكذلك فعلت الدول العربية النفطية وسبقتهما مصر، أما سوريا فلم تتوقف يوما عن دس أنفها، ومن بعد ذلك كامل جسدها، في الشأن اللبناني الكثير الإغراء والمطواع لكل غريب يحمل صرة تحت إبطه. وهكذا نجد أن البعد أو التعدد الطائفي، بمثل ما كان يمثل وبالا على لبنان، فإنه كان ولا يزال مصدر خير ونعمة عليه بسبب تعدد المهتمين والمتعلقين والهائمين به وبأرضه وشعبه المضياف والكريم.. في كل شيء. هكذا لبنان، وهكذا سيبقى وهكذا نحبه!
أحمد الصراف