أقرت بريطانيا أخيراً قانوناً جديداً ضد الرشوة يهدف الى مقاضاة الجهات التي تقوم بدفع أموال أو هدايا قيمة لمسؤولين في دول خارجية بغية الحصول على وضعية تنافسية أفضل، وبالتالي كسب عقود التجارة والمقاولات والاسلحة وغيرها. وتضمن القانون عقوبات مشددة تصل إلى السجن لفترات تصل الى عشر سنوات، وغرامات مالية لا حدود لها، في حق من يدان. واعتبر القانون تقديم رشوة لمسؤول في الخارج ممارسة غير قانونية، وشمل ذلك جميع المؤسسات والشركات المحلية والأجنبية التي تعمل في بريطانيا، وحتى الأفراد.
ولو تمعنا في الجانب المادي لهذا القانون لوجدنا انه يقلل من قدرة الشركات البريطانية على منافسة غيرها، وبالذات الأوروبية الكبرى، خاصة تلك التي تنشط في دفع رشى لمسؤولي الدول الأجنبية، التي لا تجرم قوانينها مثل هذه الأفعال.
والأهم من ذلك ما لهذا القانون من جانب أخلاقي لا يمكن إغفاله، وهذا ما يبرز عظمة الغرب ومكانته الأخلاقية الرفيعة، علما بأن دولا عدة في اسكندنافيا، إضافة للولايات المتحدة، سبقت بريطانيا في إقرار مثل هذا التشريع.
إن هدف هذا القانون ليس فقط حماية الدول الأخرى، والمتخلفة بالذات، من الفساد الإداري، بل وحماية الدول المشرعة من تفشي الفساد فيها، ولكي لا يصبح دفع الرشوة أمراً يسهل قبوله والتعامل معه. وعلى ضوء ما أصبحت الإدارة الحكومية تشتهر به في الكويت من انتشار الفساد المالي في أروقتها، فمن المتوقع جدا أن تقل حصة الشركات البريطانية من مختلف عقود الإنشاء والتوريد المدني والعسكري.
هذا ما نحتاج لتعلمه من الغرب، وليس التركيز على التافه من الأمور وكأن ليس لديهم ما يشكرون عليه!
أحمد الصراف