بيَّن المؤرخ برنارد لويس في كتابه What went wrong، الذي صدر قبل أحداث 11 سبتمبر بقليل، مجموعة العوامل التي أدت لفشل المسلمين في بلوغ الحداثة ومجاراة الغرب في تقدمه، بالرغم من أسبقيتهم في هذا المجال! وفي محاضرة لأستاذ أميركي، لم التقط اسمه، ذكر أن مجتمعات إنسانية تفوقت على غيرها علميا، واخرى تقهقرت! وتساءل عن الكيفية التي يمكن الاستدلال بها على التفوق، فقال ان الاسماء التي تطلق على المكتشفات العلمية قد تكون مؤشرا جيدا، فمن يخترع أو يكتشف شيئا يعطيه الاسم الذي يرغب فيه. فالفيزياء الجزئية مثلا ازدهرت في أميركا بعد الحرب الثانية، ولو نظرنا لأسماء الجزيئات في الفيزياء لوجدناها في الغالب أسماء لمناطق أميركية. أما الإنترنت، الذي لم يكن لأميركا سبق اكتشافه، فانها أضافت له الشيء الكثير، وهذا منحها ميزة الإعفاء من ذكر الحروف الأولى من اسمها usa في نهاية عناوين مواقعها الإلكترونية، كما هي الحال مع بقية دول العالم.
كما نجد أن الطوابع البريطانية لا تحمل اسمها، مثل بقية الطوابع، فهي أول من اخترع الطابع، وأصبح لها بالتالي «بشرف» الاعفاء من طباعة اسمها عليه! وبالرغم من أن «أبراج النجوم» سميت في غالبيتها بأسماء يونانية أو رومانية، لفضلهم في اكتشافها، فإن للعرب الفضل في اكتشاف النجوم نفسها، وبالتالي تحمل ثلاثة أرباعها أسماء عربية، وهذا التقدم العربي الإسلامي العلمي حدث خلال فترة 300 سنة، بين 800 و1100 ميلادية، عندما كانت بغداد، عاصمة العالم، مدينة منفتحة على جميع الثقافات والاديان يشارك الجميع في مسيرتها العلمية، فحصل التطور في الهندسة والاحياء والطب والرياضيات، حتى الأرقام 1 2 3 المستخدمة في الغرب تسمى بـ«العربية»، وكل هذا التطور الكبير أعطى العرب الأحقية في تسمية مكتشفاتهم باسمائهم. ثم حدث الانقلاب في القرن 12م، عندما حرم الإمام أبو حامد الغزالي الرياضيات والفلسفة وغيرهما من العلوم ونسبها للشيطان! وهنا توقف التقدم العلمي الإسلامي وانهار ولم يرجع، بعد أن أقنع الغزالي الجميع بأن الوحي يشرح كل شيء ولا حاجة لمعرفة العلوم. وختم المحاضر حديثه قائلا اننا لو نظرنا للفائزين بجوائز نوبل منذ تأسيسها لوجدنا أن ربعها ذهب لليهود الذين لا يزيد عددهم على 15 مليوناً في العالم، في الوقت الذي لم يفز فيه المسلمون، الذين يزيد عددهم على المليار بكثير، بأكثر من 5 أو 6 منها، ولو لم تنهر أوضاع المسلمين في القرن 12 لكانت غالبية جوائز نوبل من نصيبهم!
وقد كفَّر علماء سلف من أمثال ابن تيمية وابن قيم الجوزية وناصر الفهد علماء أفذاذاً أمثال الفارابي وابن سينا وابن الهيثم والرازي والخوارزمي وابن عربي وابن رشد وابن المقفع، وجابر بن حيان والجاحظ والكندي، ووصفوهم بالملاحدة والزنادقة المشتغلين بالسحر والطلسمات، غير المؤمنين بكتب الله ورسله واليوم الآخر. وقال ناصر الفهد في كتابه «حقيقة الحضارة الاسلامية» ان كبار المفكرين الذي كانوا سبب انتساب الفترة الاسلامية الى مقدمة الحضارة الانسانية، كانوا في حقيقتهم خارج الاسلام!
أحمد الصراف