لا أعلم، وأنتم بكل ما فيه من هم وانشغال، إن كانت ستصلكم رسالتي هذه، ولكني أكتبها على اية حال إبراء للذمة. أعلم جيدا، وهذا طبيعي تماما، أنك مشغول أولاً بمصيرك الشخصي ومصير الأقربين لك دما وفكرا. كما لا أشك في قلقك الكبير على مصير مجاميع الشعب السوري، وخاصة المنتمين لطائفتك ولبقية الأقليات، وبالذات المسيحيين منهم! وأدرك جيدا قلقك من احتمال وصول المتشددين دينيا للحكم، وما سيسعون لإحداثه من تغييرات جذرية في بنية الحكم وطريقته، وفوق كل ذلك لا أشك في وقوف غالبية الشعب السوري معك، إن محبة، أو خوفا من الخراب الذي يعتقدون بأنه سيأتي من بعدك، ولكن ربما تدرك يا سيدي الرئيس، أن كل ما تقوم به الآن من «مقاومة وقتل للمخربين» ما هو إلا تأجيل ليوم سيأتي حتما، ربما ليس غدا، ولكنه سيأتي حتما! وأستميحك العذر في ان أقول انه ليس بإمكان أحد تأجيل اليوم الذي ستعتقد فيه، لسبب أو لآخر، بأنك غير قادر على الاستمرار في الحكم، ولكن الخروج وقتها لن تكون له ظروف اليوم ولا طعمه المقبول الآن، وسيكون للتأجيل ثمن مخيف وخطير على سوريا وشعبها اولا وأخيرا، وعلى شعوب جاراتها وبضع دول أخرى! فما بإمكانك اليوم القيام به، بما عرف عنك من شجاعة، ومع كل ما تمتلكه، ولا تزال، من رصيد محبة واحترام بين غالبية ابناء شعبك، لا يمكن تأجيل القيام به، وبالتالي ليس أمامكم، يا سيدي الرئيس، غير الإقدام على ثورة سياسية وإصلاحية لم يجرؤ أحد في التاريخ على القيام بما يماثلها، وذلك بإلغاء قانون الطوارئ، وكل القوانين الأخرى المقيدة للحريات، وفتح المعتقلات، وإعادة الجيش الى ثكناته، وصدور عفو عام عن الجميع، والدعوة خلال شهرين لانتخابات عامة وحرة لاختيار برلمان تأسيسي، تكون مهمته وضع دستور جديد للبلاد، والاختيار بين النظام البرلماني أو الرئاسي، ومن بعدها يمكنكم يا سيدي الرئيس، المشاركة في تلك الانتخابات، كأي مواطن غيور وحريص على مصلحة وطنه، أو كرئيس حزب سياسي محب لأبناء وطنه، وليس لديّ ذرة من شك في أن الشعب سيختاركم، ليس فقط لما اقدمتم عليه من نكران للذات، وتغليب للمصلحة العامة، بل وأيضا لشجاعتكم التي سيخلدها التاريخ!
وبغير ذلك سيستمر هدر الغالي من دم أبناء شعبك، على يد فئة اخرى منه، والقتل لن يجرّ غير القتل، ولنا جميعا عبرة وأسوة في التاريخين القديم والحديث.
أحمد الصراف