في أوج الصراع العنصري في جنوب افريقيا بين الأقلية البيضاء والغالبية السوداء، صرح القس دزموند توتو بأن من المؤسف حقا أن يلقى آلاف الأبرياء حتفهم في قضية نهايتها حتمية! نكتب ذلك بمناسبة القوانين المتشددة المتعلقة بحقوق المرأة في الأنظمة الاسلامية، وبالذات الخليجية، ومنها الكويت، التي بالرغم من تشريعها حقوق المرأة السياسية، فإن تشريعاتها الأخرى المتعلقة بالحضانة والنفقة والطلاق لا تزال تسحق المرأة وتذلها كل يوم، وزيارة واحدة للمحاكم أو للمحامين المختصين يمكن أن تبين حجم الظلم الذي تتعرض له الكثير من النساء نتيجة سوء معاملة زوج، وحتى أخ أو أب! ولا أدري لمَ يحدث كل ذلك، ونحن نعلم بأن اليوم الذي ستنال فيه المرأة «كامل» حقوقها ليس ببعيد، شاء السلف وبقية المتشددين أم عارضوا، وبالتالي أليس من الأفضل حفظ كرامة الأمهات والاخوات والزوجات من تعسف الرجال وظلمهم وسوء معاملتهم للمرأة، ولكل ما هو جميل ورحيم؟ والتوقف عن اعتبارها مجرد عورة وعيبا وخرقة بالية وشيطانا يجب تغطيته، ومكمن الشر والغواية، والسبب وراء كل مصائب الرجل، فهذا الاعتراف المبكر بحقوقها سيوقف حتما معاناة ملايين النساء في مجتمعاتنا، ويوقف سيل دموع المعذبات والمقهورات اللواتي تمتلئ مآقيهن بدموع غالية نتيجة ظلم الكثير من الرجال الجهلة والقساة القلب، الذين يفتقدون معاني الكرامة وعزة النفس!
وفي مبادرة غير مسبوقة أعلنت الامارات أن بامكان أبناء الاماراتية، من زوج غير اماراتي، مطالبة السلطات بجنسية الدولة متى ما بلغوا الـ 18 من العمر، وهذا يقرب المرأة خطوة لنيل ما سلب من حقوقها المهدورة، ويخالف العرف الظالم المتبع في غالبية الدول العربية، التي تحصر هذا الحق في الأب فقط! وحاليا تتبع تونس والجزائر والمغرب ومصر قوانين مماثلة، فالإمارات اقل صرامة في تعاملها مع المرأة، وغير معروف، بعد وصول المتأسلمين للحكم في دول الربيع العربي، ما سيكون عليه مصير مثل هذه القوانين المتقدمة!
ومن جانب آخر، تعتبر قوانين التفرقة الجنسية، وغير الدستورية في الكويت، كقانون التشبه بالجنس الآخر، وصمة عار في جبين من أقرّه من مشرعين ينتمون الى قرون خلت! فهو قانون متحيّز وناقص في أحكامه وتفاصيله، يجرّم فعل التشبه بالجنس الآخر، تاركا تفاصيل كثيرة لتقدير «رجل أمن» قد يكون متحاملا أصلا، إن بسبب تنشئته أو انتمائه، على كل ما له علاقة بالمرأة. والمؤسف أن أثر هذا القانون المعيب يمتد ليشمل حتى من لا علاقة لهم، أو لهن، بالتشبه، وخاصة أولئك الذين أثبت الفحص المختبري والرأي الطبي أنهم، نفسيا وفيزيولوجيا، من جنس مختلف عما هو مدوّن في هوياتهم الشخصية، وحتى بعد خضوعهم لعمليات تحول جنسية! ولكن هذا القانون المعيب، وغيره من «عادات وتقاليد بالية»، تجرم ما قاموا به من «تحول»، وتعارض طلبات تغيير مسمياتهم وجنسهم بحجج واهية، ويصرون على بقائهم في حالة لم يخلقوا لها أصلا!
والآن كيف يمكن الأخذ بيد هذه الفئة المظلومة، بالرغم من صغر عددها، ومساعدتها في محنتها، علما بأن بإمكان أي وكيل مساعد، في أكثر من جهة معنية، تسهيل أمورهم، ولكن خوفهم من سطوة التيار الديني وانكشافهم حكوميا، ربما يمنعانهم من التصرف بإنسانية أكثر!
أحمد الصراف