أعتقد، كإنسان عادي، وربما عاقل، بأن ليس لدي ما اخجل منه من الناحية الجنسية، ولو كانت ميولي مخالفة لميول الغالبية لما ترددت في الاعتراف بذلك، فليس هناك سبب لدفعي للكذب بهدف إخفاء أمر فزيولوجي لا خيار لي فيه! أكتب ذلك لمنع السفهاء من الغمز من قناة ميولي الجنسية، فاهتمامي بمشاكل المثليين ومعاناتهم مع مختلف السلطات الدينية والطبية والأمنية نابع من إنسانيتي، علما بأنني حتى اللحظة لا أعرف أحدا من هؤلاء، ولا أعرف غير من هم على اتصال بي إلكترونيا، دون اسم أو وجه!
معاناة المثليين في الكويت أمر متوقع، فهم ينتمون إلى مجتمع متخلف من جهة، وكاذب ومنافق من جهة أخرى، وذلك بسبب تكوينه العقائدي الذي لا يسمح له بالتصدي لمثل هذه الظواهر، ولا التعامل معها بطريقة منطقية، وما ينطبق على الكويت ينطبق بالقدر نفسه تقريبا على غالبية المجتمعات العربية. فنحن على غير استعداد للاعتراف بمشاكلنا وقضايانا الجنسية، والتصدي لها بالمناسب من الحلول، بل نحاول دائما، كما فعلنا لقرون، طمسها وخنقها، بتجنب الحديث عنها، أو اطلاق تسميات مضحكة عليها.
تقرير «هيومن رايتس ووتش» الأخير عن معاناة المثليين، خصوصاً المتحولين جنسيا، في الكويت غير سار أو مشرّف أبدا، بل ومخز إنسانياً ويبين مدى الإجحاف والظلم الذي يتعرض له هؤلاء، والذي يصل لدرجة الابتزاز المادي والضرر النفسي والجسدي وحتى الاعتداء الجنسي، وخاصة من قبل بعض رجال الأمن بعد إلقاء القبض على هؤلاء، بسبب تشبههم بجنس غيرهم، ورفض الاعتراف بشهاداتهم الطبية، التي تشهد بتحولهم جراحياً لجنس آخر، او حتى ادراج تلك الشهادات الرسمية في ملفات قضاياهم، التي تثبت أن تحولهم جنسي!
إن هذا الوضع المخزي لا يمكن معالجته بغير التعامل معه بجرأة ووضوح، من خلال الاعتراف بوجود المشكلة ووضع الحلول العملية لها، فالحلول التي ينادي بها الغلاة والمتخلفون غير إنسانية وغير قابلة للتطبيق، ولا تصب إلا في نفي هؤلاء من الأرض، ولا أعرف ما يعنيه ذلك غير القضاء الجسدي عليهم! كما يحتاج قانون التشبه بالآخر الى إعادة نظر، فنصف شباب الكويت يمكن أن يودعوا في السجن إن طبقت مواد قانون «التشبه بالجنس الآخر» عليهم، فهناك من له شعر طويل، أو فتاة بشعر قصير، أو ملابس صارخة الألوان لشاب مقارنة بفتاة ترتدي بدلة، ولا أدري ما حكم الرجل الذي يرتدي حذاء بكعب عال، وما هو العلو المسموح به؟ وماذا لو غمر أحدهم وجهه بالكولونيا، فهل يعني ذلك أنه يتشبه بالجنس الآخر؟ الأجوبة على كل هذه الأسئلة بنعم، فقد وضع القانون أمر تقدير ذلك للشرطي!
أحمد الصراف