لأسباب تربوية بيئية وموروثات عقائدية، يرتبط الشرف في مناطق معينة بصورة مباشرة بالأعضاء التناسلية للرجل والمرأة، وبالتالي لا علاقة للكلمة، كما هي الحال مع غيرهم بالسلوك الحسن والصدق والأمانة والغيرة على الوطن، وشرف الكلمة وغير ذلك. يبدو أن هناك من يعتقد أن لا أحد في العالم يعرف معنى الشرف، ويتفاعل معه «إيجابيا» مثلنا، وإننا على استعداد لقتل فلذات أكبادنا لمجرد الشك في «سلوكهم». وقد ارتكبت العديد من جرائم الشرف بحجة «غسل العار»، وخاصة في الأردن وافغانستان وباكستان، بسبب تسامح قوانينها مع مرتكبيها، كما تنتشر هذه الجرائم بين مهاجري هذه الدول إلى الغرب. والغريب أن ما تظهره التحقيقات في أحيان كثيرة من براءة الضحية من أي فعل جنسي، لم يخفف من وتيرة ارتكاب هذه الجرائم البشعة، وبالتالي القتل سيستمر طالما كان المجتمع متخلفا، وكانت قوانينه متسامحة مع مرتكبيها، فقضاء بضعة أشهر في السجن تضمن سمعة «رجولية» دائمة. وفي حادثة مرعبة هزّت الضمير الإنساني جرت محاكمة ثلاثة مهاجرين أفغان إلى كندا، لإقدامهم على نحر ثلاثة أفراد من عائلتهم، فقد قامت توبا محمد يحي، (42 عاما)، بالتعاون مع زوجها محمد شافيا (58 عاما)، وابنهما حامد، (21 عاما)، بقتل زينب (19 عاما)، ساره (17 عاما)، وجيتي (13 عاما)، وهن بنات محمد شافيا من زواج سابق، في جريمة شرف. ووقف والد الفتيات الثلاث في المحكمة متفاخرا بأنه أقدم على أمر حسن، ولو مات وعاد للحياة مائة مرة لفعل الأمر ذاته! وتمنى أن ينجس الشيطان قبور بناته. وقد كان لكلماته وقع مؤلم على الحضور والمحكمة، وحاول محاميه التخفيف من حدة أقواله بأنها من «عادات وتقاليد» الأفغان، ويجب ألا تترجم حرفيا. وقد تبرعت شهرزاد موجاب، البروفيسورة في جامعة تورنتو، بتحليل تصرف واقوال شافيا، قائلة ان في بعض الأسر يعتبر الحفاظ على «الشرف»، (الجنسي)، أكبر أهمية من الحياة، وأن هناك فرقا بين القتل لاسترداد الشرف وبين العنف ضد النساء!
وفي بحث نشر على الإنترنت، لا أعرف مدى دقته، ورد أن تعبير «القتل من أجل غسل العار» استخدم لأول مرة في الغرب في هولندا عام 1978 للتفريق بينه وبين القتل بسبب الثأر. وتصف «هيومن رايتس ووتش» القتل من أجل الشرف بأنه تصرف انتقامي يقوم به عادة فرد ذكر ضد قريبة انثى بتهمة جلب العار لعائلة، إما لرفضها الزواج بمن اختارته لها، أو لتعرض الفتاة لاعتداء جنسي، حتى ولو لم يكن لها خيار فيه، أو طلبها الطلاق، أو اقدامها على الخيانة الزوجية، وجميع هذه الأسباب تكفي لتعرضها لعقاب شديد، والقتل غالبا. ويمكن أن يتعرض الذكور للقتل بسبب الشرف أيضا، وهذا ما يتعرض له المئات كل عام من الجنسين، في باكستان وحدها. ويقول شريف كنعانة ــ المحاضر في جامعة بيرزيت، في الضفة الغربية، إسرائيل ــ ان القتل من اجل الشرف موضوع معقد وعادة قديمة تضرب جذورها في تاريخ المجتمعات العربية الرعوية والرحل، وأن القتل لا يكون لأسباب جنسية بقدر تعلقه باستيلاء الغير على «أداة» صناعة الرجال، ورمز الخصوبة في المجتمع!
أحمد الصراف