يقول د. أحمد الخطيب، في مقال له نشر قبل أيام في القبس، ورد عليه الزميل مبارك الدويله، إن الإخوان المسلمين في الكويت منذ نشأتهم لم يهتموا بأي حراك إصلاحي ديموقراطي. فكان دورهم مغيباً في التحرك الشعبي الديموقراطي، لأن المطالبة بالإصلاح والمشاركة في اتخاذ القرار لا تعنيهم… وأن الانسجام كان واضحاً بين الحكم والإخوان، ويحكمه العداء المشترك للمشاركة الشعبية. ولذلك عندما قرر النظام التخلص من دستور 1962 بعد أن استقوت القوى الديموقراطية، لجأ إلى استنفار الإخوان للمشاركة في ضرب القوى الديموقراطية، وسلمهم وزارات التربية والأوقاف والإعلام وبيت التمويل، وهنا لم يقصد د. الخطيب بالضرورة تعيين وزراء بل كبار مسؤولي هذه الوزارات، والمتحكمين الحقيقيين في مقدراتها. كما أطلق العنان لهم لجمع الأموال بكل الوسائل المكشوفة والمستورة، ولا أعتقد أن هذه ينكرها الأخ مبارك، وهي القوة الضاربة التي اعتمدوا عليها في تحقيق كل انتصاراتهم. ويضيف د. الخطيب بأن الإخوان، لم يكتفوا بالوقوف مع النظام في تعطيل الدستور، بل وشاركوا في الحكم غير الدستوري، ورفضوا التعاون مع من طالبوا بعودة الحياة الدستورية، وهنا يتساءل عن السبب في حصول الطلاق مؤخراً، بل المواجهة، بين النظام وبين الإخوان، بعد الانتصار الكبير الذي حققوه والسلفيون في الانتخابات الأخيرة؟
صحيح أن تغيير خطابهم من ديني إلى إصلاحي قد أكسبهم بعض الشعبية، إلا أن ذلك لا يمكن أن يفسر موقفهم المعارض للنظام، فالجميع يعلم أننا قد انتقلنا منذ أكثر من ثلاثين عاماً من نظامنا الدستوري الديموقراطي إلى نظام لا وجود فيه لسلطة حقيقية لمؤسسات الدولة كلها، واقتربنا إلى التحالف التاريخي المعروف بين الأنظمة والمؤسسات الدينية لاحتكار كل شيء. ويتساءل أيضاً: هل هذا الخلاف بسبب القوة الواضحة لهذه الأحزاب الدينية التي أغراها الانتصار الانتخابي في محاولة الاستيلاء على كل الكعكة، أو معظمها؟
ويجيب بأنه لا يظن بأن هذه الأحزاب بمثل هذا الغباء. فهي تعلم أن النظام ليس بهذه الهشاشة التي يراها البعض، لأنها مصطنعة تخفي وراءها مخططاً لمن يعرفها، وذلك بهدف تحميل الدستور كل هذه المآسي التي كان النظام السبب الأساسي لها حتى تحين فرصة القضاء على النظام الدستوري بأكمله، والجواب الشافي لن نجده داخلياً فقط بل ضمن الصورة الكاملة للوضع الإقليمي والعربي الجديد وتأثرنا به.
فهناك زلزال يعصف بالمنطقة العربية وأسقط حتى الآن أعتى الأنظمة الدكتاتورية فيها، وأن سبب الإعصار، وهذا ما نختلف فيه مع دكتورنا، وما يجعلني وإياه نختلف عن تيار الإخوان، سببه الثأر للعزة والكرامة اللتين انتهكتا لعقود عدة، ورفض للوصاية والذل والاستعداد للتضحية لبناء مجتمع المساواة والحرية! فهذه المطالب، بالرغم من شرعيتها، بحاجة إلى مفكرين ومحركين وفلاسفة لها، وهذا ما افتقدته وتفتقده كل الانتفاضات العربية، فلا فكر يقف وراءها يغذيها ويحركها غير الرغبة في الإطاحة بالنظام السابق، لأن هذا الفكر مغيب أو بالأحرى غائب تماماً، وهذا سهّل للقوى المنظمة الأخرى وبالذات الدينية، الأشد دكتاتورية والأخطر، لتحل محلها وهي تغطي نفسها ودكتاتوريتها بعباءة الدين، ومن يجرؤ على اتهامهم وقتها بالفساد؟! وبالتالي، فإن الثأر للكرامة والعزة لا يأتي بغير بديل واضح هو الحرية والمساواة والعدل، وهذه تحتاج لقيادة تملك فلسفة واضحة، وهذه الثورات لا تمتلك لا قيادة ولا فلسفة، وليس أمامنا بالتالي غير الخضوع لأنظمة دينية صارمة في تعاملها، وواضحة في عدائها للآخر، ولا يمكن بالتالي أن نتوقع حرية ولا عدالة ولا مساواة في ظلها، أو بالأحرى في شمسها!
أحمد الصراف