توقفت طويلا أمام ما ذكره المخرج الإيراني أصغر فيرهاردي عندما أعلن عن فوزه بجائزة الأوسكار عن فيلم «انفصال»، كأفضل فيلم أجنبي، حيث ذكر أنه يهدي الفوز لشعبه، (وليس للمرشد الأعلى، كما جرت العادة)، وان شعبه يحترم كل الثقافات والحضارات، وينبذ الحقد والكراهية (وهنا ايضا أرسل رسالة ضمنية لمن يهمه الأمر). كما أظهر إنسانية واضحة في رسالته القصيرة، ورفض كل ما يمثله نظام ملالي وطنه من معاداة للمحبة والتآخي! وقد ذكرتني كلمته بقصة ذلك الطبيب الإيراني المعروف الذي وقف وزوجته في مطار مهراباد، الذي ربما اصبح اسمه، ككل شيء آخر، «خميني»، بانتظار الانتهاء من إجراءات خروجهما، عندما طلب منهما رجل الأمن التبرع بحليهما ومجوهراتهما لدعم مجهود الحرب مع العراق! وفعل الطبيب ما طلب منه، كبقية المسافرين الآخرين، وهنا نظر الرجل لخاتم صغير في اصبعه وطلب منه خلعه، فهو لن يغادر بجزء من ثروة الشعب! وهنا نظر الطبيب بأسى لذلك الرجل البائس وقاله له، وهو يشير إلى رأسه، هذه هي ثروة الشعب التي أقوم بإخراجها! ولم يفهم رجل الأمن الرسالة، وتركه يغادر بـ«عقله» إلى الغرب، مع مئات آلاف غيره من خيرة المهندسين والاختصاصيين والخبراء إلى الغرب. ولو أرادت قوى الغرب والصهيونية والاستعمار والاستكبار والاستحمار مجتمعة الإضرار بإيران لما نجحت في تفريغها من أهم ما فيها، وهو عقول ابنائها، كما نجح في ذلك نظامها الديني، الذي سره التخلص من كل اصحاب العقول!
الطريف، او المؤسف، في الموضوع أن حكومة ملالي طهران سبق أن منعت الفيلم الفائز من العرض، ولكن انسجاما مع الفرحة الشعبية، اضطرت، وإن على مضض، للترحيب بالفوز، قائلة، بطريقتها الملتوية كالعادة، انه يمثل تعبيرا عن «انتصار» الثورة الإيرانية ضد النظام الصهيوني، و«بداية انهيار» النفوذ الإسرائيلي في أميركا! ولو لم يفز الفيلم لقالت ان في الأمر مؤامرة إمبريالية صهيونية، وهذا أمر محير حقا!
الطريف أيضا أن الكثيرين يعتقدون بوجود مؤامرة ضد فوز العرب والمسلمين بالجوائز والميداليات العالمية سواء نوبل أو الأوسكار وغيرها، ولكني أتحرق شوقا لمعرفة اسم انتاج أو عمل فني أو ثقافي أو أدبي واحد من أعمالنا، ألهم العالم وفاقت مبيعاته كل التوقعات وبهر بإنتاجه او إخراجه الملايين ولم يفز بأي جائزة عالمية!
***
• ملاحظة (1): يتوافر لدينا رابط فيلم «الانفصال»، الناطق بالفارسية، والمترجم إلى الإنكليزية. يرجى إرسال رسالة قصيرة بذلك على الإنترنت.
• ملاحظة (2): بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، فإننا نشارك «الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية» في دعوتها للتجمع بهذه المناسبة في ساحة الإرادة غدا الخميس 2012/3/8 من 5 والى 7 مساء.
أحمد الصراف