يعتبر مو ابراهيم شخصية أفريقية وعربية نادرة، وبالرغم من أنه نشأ في بيئة معادية للنجاح إلا أنه استطاع مد أذرع شركته إلى 14 بلدا أفريقيا، وحقق ثروة كبيرة ببيعها لشركة هولندية، والتي قامت بدورها ببيعها لـ«زين» الكويتية، ويقول «مو» إن السبب في تخلصه من الشركة هو شعوره بأن البنوك العالمية على غير استعداد لتمويل أو اقراض خططه التوسعية لعدم ثقتها برجال الأعمال الأفريقيين.
وقد برز مو ابراهيم في السنوات القليلة الماضية على المسرح الانساني العالمي من خلال جائزته السنوية الكبيرة البالغة قيمتها 5 ملايين دولار، متبوعة بمبلغ 200 ألف دولار تدفع سنويا للفائز مدى الحياة، وهي الاكبر على المستوى الشخصي في العالم، والمخصصة لأي رئيس أفريقي يختار التنازل طوعا عن السلطة، إن قبل أو بعد انتهاء ولايته، وقد فاز بها أخيرا بدرو فيرونا بايرز Pires الرئيس السابق لــ «الرأس الأخضر»، الجمهورية التي كتبنا عنها قبل فترة، واشتهر بايرز بدوره في مقاومة الحكم البرتغالي لبلاده، وتحريرها في العام 1975، واصبح أول رئيس وزراء لها حتى 1991، ثم عاد بعد سنوات ليصبح رئيسها، ويحقق لها استقرارا سياسيا قل نظيره في القارة الأفريقية، وتمكن من تحقيق تقدمها الاقتصادي واستقرارها ونجاح السياحة فيها. كما يسجل له رفضه كل محاولات ثنيه عن الاكتفاء بدورتين رئاسيتين، كما ينص الدستور، واستعداد المشرعين لتغيير مواد الدستور لمصلحة بقائه في السلطة لفترة ثالثة.
ويقول مو ابراهيم إنه خصص تلك الجائزة لشعوره بحاجة أفريقيا الماسة إليها، فمن أكبر مشاكل القارة أن نسبة كبيرة من زعمائها يأتون من مناطق قبلية فقيرة، وما ان يصلوا وتبهرهم مباهجها يستولي عليهم الخوف من فقدها، والحرمان من السلطة والعودة إلى حياة الفقر، فبالتالي يتشبثون، بعد انتهاء ولايتهم، بالحكم باستماتة.
وعندما سئل الفائز الأخير، (بايرز) عن الكيفية التي سينفق بها قيمة الجائزة، قال إنه سيصرفها على تأليف ونشر كتاب عن قصة الصراع لتحرير وطنه، وكيفية تحقيق الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي. والسؤال، كيف اصبح حتى رؤساء افريقيا، الذين طالما سخرنا من انقلاباتهم المتكررة، أفضل منا بكثير؟
أحمد الصراف