احمد الصراف

وضحك التنمية كالبكاء

اعتقد أن البعض سيكتفي من مقالي هذا بعنوانه، بعد أن سئم كثيرون من تكرار قراءة وسماع كلمة تنمية، وبعد أن فشلنا في تحقيق أي تقدم ملموس، وضاعت فرص كثيرة مع وجود كل هذه الطاقات البشرية المعطلة والثروات النقدية المكدسة، ويحدث ذلك بسبب غياب الرؤية، والعجز الواضح في آلية اتخاذ القرار، والتناحر السياسي بين مختلف القوى، وقد رأينا كيف تعامل الوزراء مع خطة التنمية، فأكثرهم سلطة وقدرة نالت منه طموحاته المالية والسياسية، وأبعدته عن الخطة وفلسفتها، أما قبل آخرهم فربما كان الأفضل للتصدي للتنفيذ، ولكن الفساد السياسي أجبره على الاستقالة مبكرا، وربما رحل بعد اكتشافه لصعوبة تحقيق امر جدي في ظل اللاسياسات! ثم جاء الوزير الحالي، وامتلك قدرا من الشجاعة ليعترف أن هناك اخفاقات وهفوات، ولكنه وقف عند هذا الحد. وفي تصريح له على هامش ورشة عمل سبل تعزيز مستويات الإنجاز، (القبس 7/3)، أورد «الغرائب» التالية: أولا، أنه ينتظر أن يقر مجلس الأمة خطة التنمية الثانية، قبل نهاية السنة! يعني يأمل في إقرار، وليس تنفيذ اي جزء منها، بعد تسعة اشهر! وقال إن الرغبة «جامحة» لدى الجهات الحكومية لتنفيذ الخطة! ويا ليته استعمل كلمة أخف من «جامحة»، فهذه «قوية وايد». وقال إن البناء الأساسي في الخطة يعتمد على بناء الإنسان، وليس الإنشاءات! وهنا أريد منه، ومن زملائه دليلا واحدا على إيمان اي منهم بصحة هذا الكلام! فالحكومة «يا دوب» تلحق على حل قضايا الإضرابات ودفع الرواتب، ومراجعة الكوادر، وتعديلها بالزيادة، وزيادتها بالتعديل، وإعادة النظر في أجور العاملين في العام والخاص، وتعديل ما عدل منها قبل التعديل السابق للتعديل الأخير، ومواكبة الزيادات المطلوبة، والتأكد من أنها تتماشى مع خطة تعديل هيكلية الرواتب والزيادات والمنح!
أما الأمين المساعد للتخطيط، حمد مناور، فقد شرح، على هامش الورشة نفسها، آليات وضع خطط التنمية، وأن هناك 14 مرحلة سيتم تنفيذها في المتابعة مع الجهات المعنية، وأن الخطوة الأولى تكمن في مراجعة وتقييم «نماذج» المشروعات، والتنسيق مع الجهات الرئيسية للمشاركة في «إعداد النماذج»، وعقد الاجتماعات التحضيرية، ثم التنسيق مع الإدارة المختصة لإدخال البيانات آليا في «الفترة المقبلة! يعني لانزال في مرحلة الدراسة ووضع الخطط والمراجعة ووضع النماذج وإدخال البيانات، وكل ذلك في الفترة المقبلة، التي قد تطول إلى الأبد، علما بأننا سمعنا من أكثر من وزير أن نسباً عالية من الخطة قد تم الانتهاء منها! أما الأمين المساعد الآخر في التخطيط يحيى العقيلي، فقد كان أكثر وضوحا وصدقا، حيث قال إنه رصد 1419 معوقا واجهت الخطة خلال «فترة التنفيذ»، وان «بعض» الجهات جاوزت المشكلات عبر 1023 مقترحا! وأن اكبر المعوقات تعلق بطول الدورة المستندية! وهنا أعتقد أنه من الأفضل لنا كدولة التركيز على كسر الأرقام القياسية العالمية في الفوز بمسابقات أجمل النوق والماعز، وأكثر بلد يحقق وفيات من حوادث السيارات، والبقاء لأطول فترة في ذيل قائمة الدول النفطية المتخلفة، وتسجيل أكبر عدد في حالات الضرب بالسكين نتيجة «الخز والخز المضاد»، فهذه أسهل بكثير من مسؤولية التصدي لخطة «تخب علينا»!

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *