سألني «كويتي عتيج»: يا أخي ليش ما تكتب عن «الأجانب»، شوف كيف أخذوا الوظائف وما تركوا شيئا لأبنائنا في القطاع الخاص؟ ليش ما تكتب عن احتكارهم الأنشطة التجارية وفتح المطاعم وتحقيق الثروات، وتحويل أرباحهم للخارج على حساب اقتصادنا الوطني؟ فقلت له: لو كان فيك وفي أولادك خير لما استطاع هذا الوافد، الذي تسميه بالأجنبي أن ينجح ويحقق ما لم تستطع أنت وأبناؤك تحقيقه، فهو موجود لأن هناك حاجة له، وهو ناجح لأنه يقوم بما ترفض وابنك وابنتك القيام به. واستدركت قائلا: الذنب ليس ذنبك في كل الأحوال بل ذنب حكوماتك، وجهلة المشرفين على التعليم، وأخيرا ذنب البالي من «عاداتك وتقاليدك»، التي كرهت فيك العمل اليدوي، ورتبت درجات وفئات عديدة من المجتمع من خلال قربها أو بعدها عن الأعمال اليدوية، لأن العمل باليد بنظر الكثيرين مهين، ومن يكسب قوته من الزراعة أو الصناعة وضيع، ولا يحبذ الانتساب له، فالاصالة تكمن في القدرة على الغزو وسلب ونهب ممتلكات الآخرين، وسبي نسائهم وبناتهم! وبالتالي فإن التزايد الخطير في أعداد غير المواطنين في اي دولة خليجية، وما تواجهه اقتصاداتها من تحديات خطيرة، وهنا لا نتكلم عن الهوية الوطنية لكل دولة، فهذا ليس من اهتماماتنا بعد أن اصبح العالم قرية صغيرة، يجب أن يكون من منطلق أخلاقي وأمني وليس اقتصاديا، فقد فشلنا في استغلال طاقة هؤلاء وخبراتهم، ورحبنا بوجودهم لملء شقق عماراتنا واستهلاك ما في متاجر تجارنا وجمعياتنا من مواد ولشراء سيارات وأجهزة وكلائنا؟ فتعداد السكان البسيط لدول الخليج، وتواضع مهارات أفراده، مع وجود فوائض نقدية كبيرة، حتمت قدوم الغير الينا، كما كان الكثير من الكويتيين يذهبون للهند وغيرها للعمل فيها، وهذه الظاهرة بالرغم من سلبيتها ممكن أن تكون إيجابية لو كانت هناك خطط تنموية جدية، ولو كانت هناك نية لتغيير «العقليات» التي اعتقدت بوجود تسعة أعشار الرزق في التجارة، وحتى هذه لم يفلح المواطن كثيرا فيها، بل سلم العمل للشريك الوافد وجلس في الظل بانتظار المقسوم. كما أن تنمية الإنسان لم تكن يوما لا ضمن أولويات ولا أخرويات اية حكومة خليجية.
نعود لموضوع الأمس ونقول ان الحادث الخطير الذي تعرض له مقيم يحترم نفسه على يد نائب، وهو في حالة غير طبيعية، وتعسف وزارة الداخلية ضده بوقوفها إلى جانب النائب وحبس المقيم «المعتدى» عليه في زنزانة قذرة بعيدا عن اسرته لأكثر من 12 ساعة، لأن نائبا أراد ذلك، أمر مستهجن جدا وقبيح بكل المقاييس، فكيف يقبل المشرعون وهم يسنون قوانين غير ذات أهمية، بالتقاعس عن حفظ حق وكرامة إنسان، اي إنسان شريف، في وجه الظلم؟ وكيف يمكن خلق استقرار اقتصادي واجتماعي لأكثر من %55 من السكان إن أرسلنا لهم رسالة بأن لا حقوق لهم ولا كرامة متى ما أراد شخص لا يمتلك شيئا غير وضعه السياسي المؤقت الانتقام منهم أو ابتزازهم؟ وهل يجوز أن يحدث ذلك في مجلس ثلاثة ارباعه من النواب المتدينين، من دون اتخاذ إجراء ما لحفظ كرامة البشر؟
***
نبارك لأتباع الكنائس الشرقية بعيد الفصح المجيد، ونتمنى أن نحتفل به في السنة المقبلة ونحن أكثر محبة بعضنا لبعض.
أحمد الصراف