بعد ظهور نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في مصر، اكتشف بعض المحتالين والاستغلاليين وجود كتلة انتخابية ضخمة تمتاز ببساطة تفكيرها يمكن عن طريق استغلالها، في ظل كل اجواء الشحن الديني السائدة، تحقيق مكاسب مالية وانتخابية مؤكدة. وبالتالي رأينا زيادة لافتة في أعداد مدعي التواصل مع الأولياء والصالحين، وسردهم لقصص ورؤى لأنبياء وصحابة، بهيئات وأشكال محددة، وحرص تلك الشخصيات المقدسة على «التدخل في الانتخابات»، وتأييد ترشيح فلان أو غيره لرئاسة «جمهورية» مصر، أو التوصية به لحسن خلقه وكمال علمه! ومن جهة أخرى، نجد أن غالبية هؤلاء النواب أو المرشحين والساعين الى الوصول للسلطة، إن لم يكن جميعهم، لم يكونوا يعتقدون يوما أن الأمور ستتطور بذلك الشكل السريع في مصر وينهار النظام وتسيطر الحركات الدينية على الشارع، وبالتالي لم يكن أي منهم، وخاصة الدعاة من اصحاب اللحى الكثة، يتحرّج في الحديث في أي شيء وعن أي شيء في البرامج التلفزيونية، وإطلاق ما شاء من الفتاوى والآراء الغريبة، غير واضعين في اعتبارهم طبعا أنهم سيكونون خلال فترة قصيرة مرشحين لتولي أرفع المناصب السياسية، وبالتالي كانوا يأخذون راحتهم في الكلام إن رغبة في جذب الجماهير الغافلة لبرامجهم، أو لتسجيل أطول الحلقات لتحقيق أعلى الإيرادات. وما ان رشح الدعاة السابقون انفسهم للرئاسة حتى بدأ البعض الآخر بالنبش في الإنترنت عن تسجيلات لسابق أحاديثهم وخطبهم، وغريب فتاواهم، منها تلك المتعلقة بمعنى كلمة «بيبسي» التي سبق ان تطرقنا لها، وحرمة لعبة كرة القدم، وغير ذلك الكثير. ومن هؤلاء الطبيب عبدالمنعم أبوالفتوح، المحسوب على حزب الإخوان كمرشح للرئاسة. فهذا الطبيب قام قبل سنوات، وأثناء توليه للأمانة العامة لاتحاد الأطباء العرب، بإجراء مقابلة مع قناة تلفزيون إسرائيلية، وذكر في المقابلة أنه يطلب من الفلسطينيين «ضرورة» الاعتراف بإسرائيل، ولا شك أنه عندما قال ذلك لم يكن يعتقد أن حكم مبارك سينهار بتلك السهولة وأنه سيترشح مكانه. وعندما واجهته الصحافة بتصريحاته تلك قال: ان في الأمر «قصّاً ولزقاً»، وعندما قيل له ان مدير مكتبه أكد الحديث، أصرّ على أنه مفبرك!
وفي حديث تلفزيوني للداعية محمد حسان، الذي يعتبره الكثيرون فوق منزلة الترشح لأي منصب، قال ان خالد بن الوليد جاءه في المنام (ووصف شكله ولباسه وحدد، المدخل الذي جاء منه)، فعرفه هو ومن كان يستمع لخطبته، التفتوا نحوه، فقال لهم خالد: لا تلتفتوا إليّ فأنتم بين يدي عالم (أي الداعية حسان!)
إن هذه المحاولات المتعددة والمستميتة لتغييب عقل الشعب المصري وفكره خطيرة جدا، ويبدو أن الاستمرار بها دليل على نجاح هؤلاء في مسعاهم المخرب، كما نجحوا في الكويت وغيرها.
أحمد الصراف