كما كان متوقعا فقد أدت الخلافات الحادة بين أعضاء المجلس والحاكم لإصدار الأخير أمرا في 21 ديسمبر 1938، والدعوة الى إجراء انتخاب مجلس جديد في 27 ديسمبر 1938، وتم ذلك في حينه، ولكن العلاقة سرعان ما تدهورت أيضا بين الطرفين، فصدر في مارس 1939 قرار بحل المجلس، وهنا اعترض مواطنون متحمسون على قرار الحل، ووقعت مشادات وأحداث دامية ومؤسفة اصيب فيها بعضهم، وأعدم مواطن، كما تعرض عدد من أعضاء المجلس المنحل للاعتقال. وفي هذا الصدد ذكر المرحوم الشيخ راشد الحمود في مقال له أن من اعترض على قرار الحل، كان يعمل لانضمام الكويت الى العراق (!)، وذلك في إشارة إلى برقيتين أرسلتا الى الملك غازي، موقعتين من سكرتير المجلس التشريعي خالد العدساني، والعضو أحمد زيد السرحان، حيث بثت إذاعة قصر الزهور، التي كان يديرها الملك غازي شخصيا، نصيهما! ولكن مصادر محايدة ذكرت ان البرقيتين كانتا مزورتين. كما ذكرت أن مسودة القانون التي وضعها المجلس، أو دستور البلاد، نصت على أن الكويت دولة ذات سيادة مستقلة واراضيها لا يتنازل عن شيء منها. كما سبق أن اعترض أعضاء المجلس، بخطاب محرر في 5 مارس، على وصف المقيم البريطاني في الخليج للكويت بانها محمية، وردوا بأن الكويت إمارة مستقلة. ويعتقد آخرون أن البرقيتين أرسلتا لشكر العراق، أو الملك غازي، على موقفه من المجلس، وبالتالي لم تتضمنا طلبا للانضمام الى العراق، كما أشيع. ويعتقد بعضهم الآخر أن أعضاء المجلس أخطأوا في كثير من الأمور، ولكن نواياهم، بشكل عام، كانت طيبة وفي مصلحة الكويت. ويقال إنه ورد في وثائق الخارجية البريطانية ان الوكيل السياسي «ديكوري» قال في تقرير لحكومته، إن الخلاف في المجلس التشريعي لم يكن حول العراق ولا يرتبط بالعراق. أما ما اشيع عن موقف بعض الكويتيين من المجلس، وعدم مشاركتهم في انتخاب أعضائه، أو الترشح له، فهناك كلام كثير قيل بهذا الصدد، وربما تخوف الأعضاء من الوجود غير العربي في الكويت هو الذي دفعهم لذلك، خاصة أن غالبية من تم استبعادهم من انتخابات 1938 و1939 كانوا من أصول فارسية. وهذا ربما دفع هؤلاء للوقوف، مثلهم مثل فئات عدة أخرى، إلى جانب الحاكم وحلفائه الكبار، في صراعهم مع أعضاء المجلس.
والحقيقة الأخرى المعروفة، أنه مع غياب المصادر، وتضارب الروايات، وعزوف الجميع، عدا واحد أو اثنين، ممن شارك في أحداث تلك الفترة، عن تدوين تجاربهم وذكرياتهم، فإن لا أحد تقريبا يعرف بالدقة ما وقع من أحداث في تلك الفترة. وتستمر الحقيقة غائبة، وستبقى كذلك بسبب إهمالنا في التدوين، وبالتالي تصبح الحاجة ماسة إلى من يتكلم بإنصاف وحياد.
أحمد الصراف