احمد الصراف

مجلس الأمة والكوكا كولا

يعتبر مشروب شركة الكوكا كولا الأكثر شهرة في العالم والأقدم، حيث تأسست عام 1880، ولا تنافسها غير البيبسي. وبدأت الشركة إنتاجها الكبير في القناني عام 1892، وفي عيدها الخمسين أصبحت الكوكاكولا رمزا للرأسمالية الأميركية وثقافتها «الغذائية» الجديدة. وفي ابريل 1985، ووسط حملة إعلانية ضخمة، قامت الشركة باستبدال مشروبها السابق بآخر جديد، بعد ان بينت آراء عشرات الآلاف تفضيلهم صواب الفكرة، وهكذا أصبح هناك الكولا الجديدة! وبالرغم من كل ما بذلته الشركة من جهد ودراسة وتجارب طويلة، وحتى الاستعانة بالفتوى والتشريع»!! فإنها لم تحسب حسابا للعشق القديم بين المستهلك الأميركي و«الكولا القديمة»، وما كانت تمثله من علاقة عاطفية وذكريات صبا، وتسبب ذلك في ردة فعل قاسية رافضة للمشروب الجديد، وأصرت على عودة القديم، وهذا اجبر شركة الكولا، وبعد أربعة أشهر تقريبا، على إعادة «الكولا القديمة» للسوق، واحتارت في ما تفعله بالكولا الجديدة، التي انفقت مئات الملايين على تجربتها وإنتاجها! وفي لحظة ما أصبح في السوق «كولا قديمة»، من المخزون السابق، و«كولا جديدة» مما تبقى من المشروب الجديد في الأسواق، ولا يزال له محبوه، و«كولا قديمة جديدة»، بعد إعادة إنتاج وتسويق القديم بطعمه وشكله نفسهما!
ولو قارنا ما حدث قبل 30 عاما تقريبا مع «إدارة الكولا» مع ما جرى في الكويت قبل ايام، لوجدنا أوجه تشابه عدة، فقد تم حل مجلس 2009 وجرى انتخاب مجلس جديد بتسمية «مجلس 2012»، وجاء حكم المحكمة الدستورية، بعد أربعة اشهر تقريبا، لينهي حياته، ويعيد الاعتبار لمجلس 2009 السابق! وفجأة أصبح لدينا برلماني سابق وبرلماني «مع وقف التنفيذ» أو غير موجود، وبرلماني سابق جديد!
والطريف أن شركة «البيبسي»، المنافسة الكبرى للكولا، انتهزت فرصة تورط الكولا في تلك الفوضى التجارية وقامت بنشر إعلان في جريدة الــ«نيويورك تايمز» على صفحة كاملة، وأتذكره جيدا الآن، وضمنته جملة واحدة كتبت في منتصف الصفحة البيضاء بخط صغير ووضعت اسمها في اسفل الصفحة بخط اصغر وقالت فيه: After 90 years of eye to eye, the other eye blinked!
بعد 99 عاما من بحلقة العين في العين، رفت العين الأخرى!
وقد فاز ذلك الإعلان بجوائز عدة، حيث تمكن بجملة قصيرة من إرسال رسالة قصيرة وواضحة من دون إهانة الطرف المنافس أو الحط من قدره، بل قالها بكل كبرياء وانفة، فهل نرى شيئا من هذا القبيل، يضع حدا للمهاترات السياسية التي سئم الجميع منها والتي ستحرق الأخضر قبل اليابس في هذا الوطن الصغير الذي كان يوما ما وطنا جميلا؟

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *