احمد الصراف

حقائق طريفة ومؤلمة

يؤمن المسيحيون، وهم أتباع الدين الأكثر انتشارا في العالم، بمسيح واحد وإنجيل واحد ورب واحد، ومع هذا يرفض المنتمون لكنيسة الكاثوليك اللاتين الصلاة في كنائس الكاثوليك السوريين، ولا يصلي الاثنان في كنائس جماعة المارتوما، ولا يصلي الثلاثة في كنائس البنتيكوستن، ولا يصلي الأربعة في كنائس السالفيشن آرمي، ولا يصلي الخمسة في كنائس الأرثوذكس، ولا يصلي الستة في كنائس اليعاقبة، وهكذا… بحيث يشمل الأمر كنائس عدة أخرى.
كما يؤمن المسلمون، أتباع ثاني أكبر دين، بإله واحد وقرآن واحد ونبي واحد، ومع هذا لا تتفق آراء السنة مع الشيعة، او العكس، وبعضهم ينتقد إلى حد كبير المنتمين للطرف الآخر، وفي أي مكان كانوا، إن في بيوتهم أو مساجدهم. والشيعة لا يصلون في مساجد السنة، والاثنان لا يصليان في مساجد الإسماعيلية أو البهرة، وكل هؤلاء لا يصلون في مساجد الصوفية، ويرفض الجميع الصلاة في مساجد الأحمدية او القاديانية إضافة لرفض الصلاة في مساجد عشرات الطوائف الأخرى، والقتال بينهم لم يتوقف يوما منذ أكثر من الف عام! كما أن معظم المسلمين تقريبا ليسوا على وئام وسلام مع اليهود أو المسيحيين، بالرغم من انهم يشاركونهم عبادة الإله الواحد! وبالرغم من أن المسلمين ليسوا جميعا إرهابيين، إلا أن غالبية الإرهابيين مسلمون، وغالبية ضحاياهم مسلمون، إن من مذهبهم نفسه أو من اتباع المذاهب الآخرى، والجميع يقتل الجميع باسم الرب.
أما الهندوس، اتباع المعتقد الثالث الأكثر انتشارا، فلديهم 1280 كتاباً مقدساً، ويعبدون ملايين الآلهة، ويتحدثون بمئات اللغات، ومع هذا يذهبون لمعابد بعضهم بعضا، ولم تقع بينهم يوما، على مدى آلاف السنين، اي معارك دينية، وحدهم السياسيون من حاولوا تفريقهم للاستفادة من اصواتهم.
وبالرغم من ان البوذية من أوائل معتقدات العالم فإنها الرابعة انتشارا، وهي فلسفة أكثر منها ديانة، وتدين بتعاليمها للأمير الهندي Siddhartha Gautama، وتقوم على مفاهيم فكرية ثلاثة: الكارما، العودة للحياة والسماسرا، وأتباع هذا المعتقد، بالرغم من تعددهم وانقسامهم، فإنهم يؤمنون بـ «بوذا» المعلم وبتعاليمه التي تحث على الأمانة والصدق، ويؤمنون بأن الغرض من الحياة هو أن نطور من الشعور بالرحمة في داخلنا وأن نمتلك الشفقة على الآخر من دون تحيز أو تفرقة، وان نعمل جميعا من أجل السعادة والحرية، وأن نطور من الحكمة لدينا لكي تصل بنا للحقيقة، كما أن البوذية لا تتدخل في السياسة ولا ترتبط بها، ولو توقفت كل الديانات عن التدخل في السياسة فإن قتلا كثيرا سيتوقف، وستقل البغضاء والكراهية إلى الحد الأدنى، ولكن هل هذا ما تريده الجماعة لدينا؟

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *