احمد الصراف

اسمي اسمي!

للأسماء مدلولات اجتماعية غاية في الأهمية والطرافة احيانا، كما يقول الزميل عبدالخالق حسين، ولم تطلق غالبا الأسماء على أصحابها جزافا. وقد تطرق عالم الاجتماع العراقي علي الوردي الى هذه الظاهرة في أحد كتبه، وتكلم بشكل أساسي عن عادات إطلاق الأسماء في منطقة جنوب العراق، حيث نجد تنوعا واختلافا كبيرين في أسماء الأفراد، من كلا الجنسين، وبين أي جيلين. فقد أصبح لــ «خريط وجلوب ومشحوت» أبناء يحملون أسماء، مثل: قيس وعدنان واستبرق وجميل.. الخ، وهذا تغير اجتماعي واضح. وعلى الرغم من أن لا أحد منا اختار اسمه، إلا أن ظروف ولادته قد تكون أثرت في تسميته، فقد أخبرني المرحوم سليمان الصبيحي أن جده اطلق اسم «حمسه» على والدته، لأنه كان يقوم «بحمس القهوة» عندما جاءه خبر ولادتها! كما نجد أن هناك من اطلق على ابنه اسم الاسبوع أو الشهر الذي ولد فيه، واحيانا اسم المدينة التي جاء فيها للحياة، فباريس هيلتون حملت بها والدتها، عندما كان أبواها يقضيان شهر العسل في باريس، وبالذات في شقه الصديق صباح! كما أن الكثيرين، خاصة في جنوب العراق والريف المصري يطلقون على ابنائهم، الذكور بالذات، تسميات غريبة جدا عن محيطهم، واحيانا لأشياء لها دلالات مقرفة، ويستغرب البعض ذلك، ولكن العجب يختفي عندما نعرف أن إطلاق التسمية المستهجنة جاء بسبب الرغبة في المحافظة على حياة المولود، فتنذر الأم بأن تسمي ابنها «زفت» – مثلا – إن عاش ولم يلق حتف من سبقه من إخوة، ولكي تبعد العين عنه تطلق عليه تسمية غريبة جدا، لكي يبقى على قيد الحياة ولا يموت صغيرا، كما حدث مع من سبقه.
للاسماء تأثير ما في فرص أو حظوظ أي شخص في الحصول على وظيفة او عند الرغبة في الاقتران، بزوج أو زوجة! فالاسم يبقى مع الشخص ما عاش، فمن التي تقبل الاقتران مثلا بمن أطلق عليه أهله اسم «قطاع النعل»، وهو اسم حقيقي، وكان يخص أحد عملاء البنك الذي كنت أعمل فيه قبل نصف قرن؟! كما أن الاسم المميز يصعب تذكره، ولكنه متى ما حفظ لا يسهل نسيانه، واصحاب الأسماء المميزة يكونون عادة أكثر تميزا مقارنة بأقرانهم من الذين يحملون أسماء مخجلة أو مضحكة أو كلاسيكية، أو لها أكثر من معنى، احدها قبيح! ولا أدري، لماذا يصر البعض على إطلاق أسماء ذكور على بنات أو العكس؟! فمكرم هو اسم رجل غالبا، ولكن هناك من تسمى بمكرم. كما أن صباح اسم مشترك، خاصة في بلاد الشام مع أسماء نهاد وجمال. كما تميل جماعات معينة لإطلاق اسماء رنانة ولها بريق وصدى ثراء وغنى على ابنائها، كفيروز أو جواهر أو جوهر وياقوت وزمرد وزمردة ولؤلؤة أو لولوة ومرجان وغير ذلك من المعادن الثمينة!
والاسم هو صدى بيئة الشخص، فكلما قست الحياة قست معاني الأسماء، والعكس صحيح طبعا! ومن المعروف ان اسم محمد هو أكثر اسم مستخدم في العالم. وعلى الرغم من أن غالبية شعوب الأرض تكتب أسماءها بوضع الاسم الأول ثم اسم الأب وبعده العائلة، إلا أن شعوباً أخرى كالكوريتين والصين، والدول الأخرى التابعة لها ثقافيا، كسنغافورة وتايوان وغيرهما، فإنها تضع اسم العائلة أولا ثم يتبع باسم الشخص نفسه! وتتميز مصر بعادة إطلاق اسم الاب على الابن، كما في حال المشير المصري علي علي عامر! ويميل الفلسطينيون لوضع اسم محمد أمام اي اسم آخر، فالمعروف باسم مروان هو غالبا محمد مروان، ونجد أن جميل اسمه في الجواز محمد جميل، وهكذا. وكل اسم وأنتم بخير.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *