تشكو الدولة، من ضمن ما تشكو من أمراض وأورام، من عجز وزارة الأشغال شبه التام، عن تنفيذ كل ما هو مطلوب منها من مشاريع حيوية، إن بسبب طول الدورة المستندية أو تعدد جهات الرقابة. ولا تزال إدارات حكومية عدة تقبع في مكاتبها نفسها منذ نصف قرن. وتأخير إقرار الكثير من المشاريع الحيوية يتناقض أحياناً مع ما نراه من استعجال في تنفيذ غير المستعجل منها.
ومن جهة اخرى، تقوم جميع دول العالم تقريبا، بالاهتمام بقدماء المحاربين فيها، وتكريم شهدائهم، وإقامة النصب التذكارية التي تخلد أعمالهم، وحتى الجندي المجهول لم يحرم من نصب تذكاري يخلد أعمال مئات الآلاف منهم، الذين سقطوا في ميادين مختلف المعارك، دفاعا عن مبدأ، أو وطن.
كما تهتم كل دول العالم تقريبا بالعناية بأسر شهدائها وتكريم أهاليهم، ومنها الكويت التي قامت فور تطهيرها من الاحتلال الصدامي، بتعيين شخصية رفيعة لترؤس لجنة الأسرى والشهداء، وهذا أقل ما ينبغي القيام به اتجاههم. وقد مررت قبل أيام أمام مبنى ضخم في منطقة أرض المعارض، قد تتجاوز تكلفته عدة ملايين من الدنانير، يخص أبناء الشهداء. وبالرغم من تقديرنا العميق للدور الكبير الذي قام به شهداء الوطن، وما كان لبطولات الكثيرين منهم من دور في تكاتف دول العالم «الحر» معنا، ومساعدتنا في التخلص من حكم صدام الحقير، فان المنطق يقول ان أصغر ابن شهيد قد تجاوز اليوم سن الرشد بسنوات، وبالتالي من العدل جدا التعامل معهم على هذا الأساس. وإن كان من الضروري، لأسباب خاصة، استمرار تقديم المساعدات المادية لهم، بعد أن اصبحوا في سن العمل، فإن هذا يمكن القيام به بسهولة من خلال الإدارة المختصة في وزارة الشؤون، حينها ينتفي الغرض من إقامة مبنى بهذه الضخامة والكلفة لأسر الشهداء، مع ما قد يتسبب فيه وجود مثل هذا المبنى الضخم من احتمال تعقد معاملات ابناء الشهداء وأسرهم! فهذا المبنى الذي سيحتاج مستقبلا لمدير عام، أو موظف بدرجة وزير أو وكيل وزارة، سيتطلب جيشا صغيرا من المساعدين والموظفين والسعاة لمساعدته في صرف مكافأة أو رواتب أسر الشهداء، وما يعنيه ذلك من تطلب كل معاملة لعشرات التواقيع والأختام، وكتابكم وكتابنا! هذا غير ما يعطيه المبنى من انطباع غير مريح بأننا نتوقع غزوا آخر، وبالتالي علينا إنشاء جهاز دائم لأبناء الشهداء ليهتم بمن سيأتي منهم مستقبلا! وأعتقد أننا ربما نكون الدولة الوحيدة التي لأسر الشهداء، وبعد 24 عاما، مبنى خاص بهم!
هذه وجهة نظر، ونتمنى على الجهة المعنية توضيح ما قد يكون خفي علينا.
من القلب: ننتهز فرصة حلول أعياد الميلاد المجيدة لنتقدم، بقلوب يملأها الحب والعرفان، لجميع الإخوة المسيحيين بالتهنئة الصادقة والحارة بهذه المناسبة السعيدة، والشكر لكل ما قدموه، وسيقدمونه لنا. كما نعتذر عن نشر إعلان التهنئة في القبس، كما اعتدنا وبعض الاخوة والأخوات عليه في السنوات الأخيرة، وذلك لوجودنا في الخارج. وكل عام والجميع بخير.
أحمد الصراف