لا يمكن أن يكون مسؤولونا بهذا العجز وعدم القدرة على اتخاذ القرار، ليس في الحيوي والواضح من الأمور فحسب، بل وحتى في أصغرها، فلا بد أن هناك شيئا أو سببا آخر يمنعهم من التصرف، فهذا التراخي أو العجز غريب وغير مسبوق، وربما يعود السبب لشعور المسؤول بأنه غير مجبر على العمل أصلا، فإن أصاب فلا شكر وإن خاب فلا عقاب. وبالتالي انحصر العمل تقريبا في قلة من الموظفين الشرفاء، أما البقية فهي إما لا تعمل أصلا أو تعمل إن رأت في ذلك منفعة شخصية لها، وهذه الفئة هي التي يتزايد عددها يوما عن يوم!
تعاني الكويت منذ سنوات مشكلة تتعلق بكيفية التخلص من تراكم ملايين الإطارات المستهلكة لديها، وضياع مساحات شاسعة من الأراضي لتخزينها، هذا غير اضرارها البيئية والأمنية، خاصة عندما يقوم «أشباح»، المرة تلو الأخرى بإشعال النيران فيها، مسببين تلوثا رهيبا في دولة صغيرة المساحة.
إن الكويت لا تنفرد بهذه المشكلة بالطبع، إذ سبق ان واجهتها دول العالم أجمع، وجميعها تقريبا نجحت، بطريقة او بأخرى، ليس فقط في التخلص من المشكلة، بل والاستفادة منها وتحقيق أرباح من إعادة تدويرها في صناعة أو اخرى، إلا نحن الذين اكتفينا بتجميعها، وبناء جبال سوداء مقرفة منها، بانتظار من يشعل النار فيها!
المسألة لا تحتاج الى عبقرية ولا الى جهود ودراسات معمقة، بل الى قرار، فهناك جهات عدة على استعداد، فور حصولها على الدعم المعنوي والمادي اللازم، القيام بمهمة معالجة المشكلة بطرق فعالة عدة.
كما أن بإمكان الدولة نفسها، عن طريق البلدية، أو اي جهة أخرى معنية بالبيئة، صرف مبلغ لا يزيد كثيرا على المليون دينار، واستيراد آلات التقطيع العملاقة، والتخلص من كل كميات الإطارات خلال أقل من عام واستعادة ملايين الأمتار من الاراضي الضائعة في تخزينها، والقضاء على مشكلة الإطارات مرة واحدة وإلى الأبد!
وعليه، من المستغرب أن نرى كل هذا التقاعس والتأخير في التخلص من كل هذا الكم من الإطارات التي لن تختفي، أو تتبخر من نفسها، بل هي بازدياد مستمر، والمشكلة طبعا مرشحة لأن تكبر أكثر.
الغريب أن لا رئيس الحكومة، ولا وزير البلدية، ولا أي جهة أخرى كلجنة البيئة في مجلس الأمة، تود مساءلة مدير عام البلدية وسؤاله: ليش ساكت؟ ولماذا لا تتخذ قرارا بخصوص هذه الإطارات، والحلول أمامك معروفة ومتوافرة؟ وماذا تنتظر؟.
أحمد الصراف