يعود استخدام تعبير أو وصف «العائلة النووية»
The nuclear family للربع الأول من القرن الماضي، ويقصد به الأسرة المكونة من أب وام، وابناء يتحدرون من صلبهم المشترك، وهي الحالة السائدة في العالم أجمع، باعتبارها الوضع الأكثر مثالية.
تقابل العائلة النووية النموذجية أوضاع أخرى أقل انتشاراً، وهي العائلة ذات الأب فقط أو الأم مع أبناء أي طرف منهما، إن نتيجة زواج سابق أو وفاة أحد الوالدين. وهناك العائلة التي يتزوج فيها الرجل بأكثر من زوجة، أو تكون للزوجين، المرأة أو الرجل، أو لأحدهما، ابناء من زواج سابق. ولبعض علماء الاجتماع آراء أخرى فيما يتعلق بتحديد ما «العائلة النووية». ويعتقد أن للكنيسة والحكومات الأوتوقراطية في القرن السابع عشر دوراً في ترسيخ مفهوم العائلة النووية. كما ساعدت الثورة الصناعية والرأسمالية الحديثة في تقوية مفهوم العائلة النووية باعتبارها الأكثر فائدة للاقتصاد، وللتضامن الاجتماعي.
والحديث عن العائلة يجرنا للحديث عن الأبناء، حيث أصبح الكثيرون يبدون قلقا متزايدا على مصير أبنائهم، مع تزايد مخاطر الحياة وزيادة التحديات أمامهم. ولكن من الأفضل ألا نقلق كثيرا على ابنائنا، لكي لا يستحوذ ذلك القلق علينا ويتعبنا، فدورنا كوالدين هو أن نحب أبناءنا ونعتني بصحتهم النفسية والجسدية والعقلية من دون أن نفني انفسنا بهم.
كما يجب ألا نتوقع الكثير من ابنائنا، وأنا شخصيا أؤمن بذلك، وسيقرأ ابنائي هذا الكلام. فعلينا تربيتهم بأفضل ما يمكن ونستوعب، وأن نبين لهم ما يعنيه الإنسان الصالح بالتصرف وليس بالكلام فقط. وبالتالي من الخطأ، عندما نكبر، أن نغضب لعدم وجودهم بجانبنا لكي يعتنوا بنا، أو أن نصف غيابهم عنا بالجحود، فالحقيقة أنه لم يكن بيننا يوما اتفاق مكتوب أو ضمني ينص على قيام طرف بالاعتناء بالطرف الآخر وهو صغير، ليقوم هذا بالاعتناء بالطرف الأول في كبره، فمثل هذه المحبة والعناية لا تأتي عنوة، فليس أثقل على القلب من أن يجد الواحد منا ابنه او ابنته تقف في كبره بجانبه لترعاه ويعلم يقينا أنها مجبرة، وليس لأنها تحب القيام بذلك من تلقاء نفسها. ولو كان الوالدان يحبان أبناءهما بالفعل، ومن دون غرض، كما يدعي الجميع تقريبا، لما توقعا مقابل محبتهما شيئا! كما عليهما تقدير ظروف ابنائهم، فهم أيضا لهم حياتهم والتزاماتهم الوظيفية والاجتماعية التي تدفعهم للبعد عنا.
كما أنني شخصيا أؤمن بأن علينا كوالدين واجب الاعتناء ماديا، وفق إمكاناتنا، بأبنائنا، ونحن على قيد الحياة ومعاملتهم بصورة متساوية، بصرف النظر عن الجنس أو العمر، ومحاولة توزيع ما لدينا من ثروات عليهم قبل أن نغادر الحياة، وذلك لكي يستمتعوا بما كسبنا ونحن أحياء معهم، وهم في عز شبابهم، وليس بعد أن نموت ويكبروا هم، فليس هناك ما هو أكثر مدعاة للحسرة من الشعور بأن الابناء ينتظرون موت الآباء ليستمتعوا بثرواتهم. وقد قمت شخصيا بتوريث ابنائي الكثير، وجار العمل بما تبقى، مع تقدمي في العمر.
أحمد الصراف