في عالم اليوم، عالم الإنترنت والأقمار الاصطناعية، عالم أحلام الحرية والمخابرات والإرهاب وتبييض الأموال، والعصابات والطغاة المتشبثين بالحكم، لا توجد في الحقيقة خصوصية شخصية أو عامة، وكل ما يردده الجهلة من وجود خصوصية لمنطقة أو شخص أو مجتمع لا يزيد عن كونه هراء في هراء، فلكي تكون لك خصوصيتك فليس أمامك غير أن تنعزل عن العالم كليا، لا هاتف لا إنترنت لا تلفزيون حتى ولا خروج من البيت، وربما الانتقال للسكن في خيمة في وسط الصحراء، حيث لا أعمدة تحمل كاميرات مراقبة ولا أجهزة تنصت، ولا ارتباطات ولا علاقات بأفراد أو دول، الأهم من ذلك لا شيء لديك يستحق المراقبة والملاحقة، حينها فقط «ستحل» أجهزة التنصت والمراقبة عن ظهرك!
قمت قبل فترة باستبدال هاتفي النقال، وفوجئت بأن مئات الرسائل والصور، بكل خصوصيتها، والتي سبق أن وردتني على الإنترنت، هاتفيا أو على جهاز الكمبيوتر، من فايبر أو واتس آب أو انستغرام أو فيسبوك وغيرها من صور ورسائل نصية او افلام، لا تزال مخزنة في ذلك الهاتف اللعين، بالرغم من أنها ليست في صندوق البريد، وتطلب الأمر بالتالي قضائي ساعات وأنا ازيل تلك الصور والرسائل واحدة واحدة، وحتى الآن، لست على ثقة بأنني تخلصت من كل شيء، فمن الصعوبة بمكان إزالة كل شيء، بشكل مطلق، من «فضاء الإنترنت». والإزالة صالحة لتلك اللحظة فقط، فتخزين المشطوب سيبدأ بعدها مباشرة وهكذا!
ليس هذا مهما بالنسبة لي شخصيا، فليس لدي اسرار أخاف أن تنكشف، ولكني أكتب لمن يعتقد أن مجرد شطب صورة أو رسالة من الهاتف الذكي أو الكمبيوتر يعني أنها محيت تماما، فالحقيقة غير ذلك، وهواتفنا ذكية لأن جهلنا بكيفية استخدامها ومعرفة مدى خطورتها يجعلنا غير أذكياء، فول ستوب!
أحمد الصراف