لطالما اعتقدت بأن اغلبية رجال الدين، ولأي دين انتموا، لم يختاروا هذا المجال، أو هذه الوظيفة، للأجر والثواب، بل لأن البعض اكتشف أن بإمكانه من خلالها تحقيق ما لا يمكن تحقيقه من العمل في أي مجال آخر، خاصة أن اغلبية الدراسات الأخرى يتطلب الانتهاء منها سنوات طويلة من الجهد والسهر، غير التحليل والتنظير، والتي لا تتطلبها الدراسة الدينية بالضرورة بسبب اعتمادها أساسا على حفظ مواد محددة، سبق أن تشرب بها منذ الطفولة، وما عليه غير حفظها وتكرارها لاحقا، بعكس العلوم الحديثة، كالطب والهندسة والفيزياء مثلا، والتي يبدأ الطالب بالتعرف عليها غالبا في ساعة اتخاذ قرار دراستها.
كما أن الحصول على «شهادة» رجل دين، إن تطلب الأمر شهادة، تعطي حاملها احتراما وتوقيرا في المجتمع، لا يلقاه عالم فضاء ولا جراح شهير. وتزداد درجة الاحترام مع زيادة تخلف المجتمع، ونجد هذه الظاهرة متجذرة حتى في مجتمع فيه نسبة عالية من المتعلمين كالكويت!
وأتذكر كيف هرع المئات لوداع رجل الدين (العراقي/الإيراني) محمد الفالي، عندما تم ترحيله، وكيف تنافس الكثير من مودعيه على تقبيل يده في المطار، على الرغم من كل ما نشره بينهم، وهم الذين لم يفكروا يوما في تقبيل يد طبيب خفف يوما آلامهم وآلام احبتهم، أو يد مخترع أو مكتشف.
كما تدر مهنة رجل الدين دخلا سهلا على شاغلها، وغالبا ما لا يخضع هذا الدخل، في دول كثيرة، للضريبة. كما لا تسأله أي جهة عن موارده ولا عن كيفية التصرف بها، ونجد ذلك واضحا في الأموال التي تجمع من تبرعات خيرية امام أغلب المساجد لأغراض الجهاد، أو ما تجمعه جمعيات معينة لطباعة كتب دينية أو الصرف على داعية، أو الادعاء بمساعدة المرضى، والعمل بدلا من ذلك في تجارة بيع الزهور وإدارة اجهزة بيع القهوة في المستشفيات. ويعتبر رجل الدين الأردني، البريطاني السابق أبو حمزة مثالا على ذلك، ولا ننسى في هذه العجالة رجل الدين السعودي الشهير الذي دين بسرقة مؤلفات غيره. فأبو حمزة، الذي بدأ حياته في بريطانيا كحارس ملهى ليلي Nightclub bouncer وتزوج بريطانية وحصل على الإقامة من خلالها. وقد سلمته بريطانيا قبل بضعة أشهر لأميركا، التي طالبت به لدوره في تشجيع الإرهاب وبث الكراهية، فلكي يتجنّب الحكم عليه باحكام قاسية أخبر القاضي الأميركي (2014/6/7) أنه كان دائم التعاون مع الشرطة والمخابرات البريطانية، وأنه ساعدها في حفظ شوارع لندن آمنة! فإن كان ادعاؤه صحيحا، فإنه سيشكل صدمة لكل الذين غرر بهم، وتسبب في موت اصدقائهم وأقربائهم في حروب عبثية. كما أن اعترافه دليل وصوليته. وإن كان ما ذكره غير صحيح، فهو كذاب آثم! علما بأن ادعاءه يتناقض مع ما تضمنه ملف الاتهام الذي سلمته بريطانيا لأميركا. فهذا الرجل البالغ من العمر 56 عاما، الذي نصّب نفسه إماما، متهم بالفعل بنشر الكراهية ضد الغرب والغربيين، وسبق أن برر وجوده في بريطانيا، كلاجئ سياسي.
الخلاصة في الموضوع أن من الأفضل إزالة الهالة عن رجال الدين، فهم أولا وأخيرا بشر مثلنا، ونزع الهالة سيخرج الدخلاء من المهنة، ويثبت المخلصين!
أحمد الصراف